للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وَالشَّافِعِيِّ فِي صَحِيحِ قَوْلَيْهِ.

وَقَال فِي الآْخَرِ: لَيْسَ لِغَيْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَحْمِيَ، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: لاَ حِمَى إِلاَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ.

وَاسْتَدَل الْجُمْهُورُ (١) بِأَنَّ عُمَرَ وَعُثْمَانَ حَمَيَا (٢) ، وَاشْتُهِرَ ذَلِكَ فِي الصَّحَابَةِ، فَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِمَا، فَكَانَ إِجْمَاعًا.

وَمَا حَمَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَيْسَ لأَِحَدٍ نَقْضُهُ وَلاَ تَغْيِيرُهُ مَعَ بَقَاءِ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ، وَمَنْ أَحْيَا مِنْهُ شَيْئًا لَمْ يَمْلِكْهُ. وَإِنْ زَالَتِ الْحَاجَةُ إِلَيْهِ، وَدَعَتْ حَاجَةٌ لِنَقْضِهِ، فَالأَْظْهَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ جَوَازُ نَقْضِهِ. وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَجْهَانِ. وَاسْتَظْهَرَ الْحَطَّابُ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ جَوَازَ نَقْضِهِ إِنْ لَمْ يَقُمِ الدَّلِيل عَلَى إِرَادَةِ الاِسْتِمْرَارِ.

وَمَا حَمَاهُ غَيْرُهُ مِنَ الأَْئِمَّةِ فَغَيْرُهُ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ مِنَ الأَْئِمَّةِ جَازَ، وَإِنْ أَحْيَاهُ إِنْسَانٌ مَلَكَهُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ لِلْحَنَابِلَةِ؛ لأَِنَّ حِمَى الأَْئِمَّةِ اجْتِهَادٌ، وَمِلْكُ الأَْرْضِ بِالإِْحْيَاءِ نَصٌّ، وَالنَّصُّ يُقَدَّمُ عَلَى الاِجْتِهَادِ. وَالْوَجْهُ الآْخَرُ لِلْحَنَابِلَةِ: لاَ يَمْلِكُهُ؛ لأَِنَّ اجْتِهَادَ الإِْمَامِ لاَ يَجُوزُ نَقْضُهُ، كَمَا لاَ يَجُوزُ نَقْضُ حُكْمِهِ. وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، كَذَلِكَ.


(١) القليوبي وعميرة ٣ / ٩٢ ط الحلبي، والمغني ٥ / ٥٨١
(٢) الأثر في ذلك عن عمر رضي الله عنه رواه البخاري (تعليق محمد حامد الفقي على الأموال لأبي عبيد ص ٢٩٨ وما بعدها، وهو في الأموال أيضا) . وأما عن عثمان رضي الله عنه فلم نجده إلا فيما رواه البيهقي (في السنن الكبرى ٦ / ١٤٧) عن أبي أسيد الأنصاري. / ٣ ٢٤٧ / ٣