للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِلْمُحْتَسِبِ أَنْ يَتَجَسَّسَ وَلاَ أَنْ يَبْحَثَ أَوْ يَقْتَحِمَ عَلَى النَّاسِ دُورَهُمْ بِظَنِّ أَنَّ فِيهَا مُنْكَرًا، لأَِنَّ ذَلِكَ مِنْ قَبِيل التَّجَسُّسِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ (١) وَفِي حُكْمِهِ مَنِ ابْتَعَدَ عَنِ الأَْنْظَارِ (٢) وَاسْتَتَرَ فِي مَوْضِعٍ لاَ يَعْلَمُ بِهِ غَالِبًا غَيْرُ مَنْ حَضَرَهُ وَيَكْتُمُهُ وَلاَ يُحَدِّثُ بِهِ (٣) . وَالنَّاسُ ضَرْبَانِ:

أَحَدُهُمَا: مَسْتُورٌ لاَ يُعْرَفُ بِشَيْءٍ مِنَ الْمَعَاصِي، فَإِِذَا وَقَعَتْ مِنْهُ هَفْوَةٌ أَوْ زَلَّةٌ فَإِِنَّهُ لاَ يَجُوزُ كَشْفُهَا وَهَتْكُهَا وَلاَ التَّحَدُّثُ بِهَا، لأَِنَّ ذَلِكَ غِيبَةٌ، وَفِي ذَلِكَ قَال اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآْخِرَةِ} (٤) وَالْمُرَادُ إِشَاعَةُ الْفَاحِشَةِ عَلَى الْمُؤْمِنَ الْمُسْتَتِرِ فِيمَا وَقَعَ مِنْهُ أَوِ اتُّهِمَ بِهِ وَهُوَ بَرِيءٌ مِنْهُ.

وَالثَّانِي: مَنْ كَانَ مُشْتَهِرًا بِالْمَعَاصِي مُعْلِنًا بِهَا وَلاَ يُبَالِي بِمَا ارْتَكَبَ مِنْهَا وَلاَ بِمَا قِيل لَهُ، فَهَذَا هُوَ الْفَاجِرُ الْمُعْلِنُ وَلَيْسَ لَهُ غِيبَةٌ، وَمِثْل هَذَا فَلاَ بَأْسَ بِالْبَحْثِ عَنْ أَمْرِهِ لِتُقَامَ عَلَيْهِ الْحُدُودُ (٥) .

أَمَّا تَسَوُّرُ الْجُدْرَانِ عَلَى مَنْ عُلِمَ اجْتِمَاعُهُمْ


(١) الزواجر عن اقتراف الكبائر ٢ / ١٦٩، نصاب الاحتساب ٢٠٢.
(٢) الآداب الشرعية ١ / ٢٩٢.
(٣) غذاء الألباب ١ / ٢٢٦.
(٤) سورة النور / ١٩.
(٥) غذاء الألباب ١ / ٢٢٦، ٢٢٧، المعيار المعرب ١١ / ٣٠٢، ٣٠٣.