للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَهَدْمِي هَدْمُكَ وَتَرِثُنِي وَأَرِثُكَ، وَكَانَ فِي هَذَا الْحِلْفِ أَشْيَاءُ قَدْ حَظَرَهَا الإِْسْلاَمُ، وَهُوَ أَنَّهُ يُشْرَطُ أَنْ يُحَامِيَ عَنْهُ وَيَبْذُل دَمَهُ دُونَهُ وَيَهْدِمَ مَا يَهْدِمُهُ فَيَنْصُرَهُ عَلَى الْحَقِّ وَالْبَاطِل، وَقَدْ أَبْطَلَتِ الشَّرِيعَةُ هَذَا الْحِلْفَ، وَأَوْجَبَتْ مَعُونَةَ الْمَظْلُومِ عَلَى الظَّالِمِ حَتَّى يَنْتَصِفَ مِنْهُ ". (١)

وَكَذَا وَرَدَ فِي الْمِيرَاثِ الآْيَاتُ الْكَرِيمَةُ الَّتِي حَدَّدَتْ نَصِيبَ كُل وَارِثٍ، وَقَدْ قَال تَعَالَى فِي آيَاتِ الْمَوَارِيثِ: {فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} (٢) فَمَنْ جَعَل مِيرَاثَهُ لِمَنْ وَالاَهُ وَعَاقَدَهُ دُونَ مَنْ جَعَل اللَّهُ تَعَالَى لَهُمُ الْمِيرَاثَ، نَاقَضَ حُكْمَ اللَّهِ تَعَالَى بِذَلِكَ، فَبَطَل عَقْدُهُ، وَحُكْمُ اللَّهِ تَعَالَى نَافِذٌ.

٧ - أَمَّا التَّحَالُفُ عَلَى الْخَيْرِ وَالنُّصْرَةِ عَلَى الْحَقِّ وَعَلَى الْعَقْل وَالتَّوَارُثِ لِمَنْ لاَ وَارِثَ لَهُ. فَقَدْ وَرَدَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ: لاَ حِلْفَ فِي الإِْسْلاَمِ وَأَيُّمَا حِلْفٍ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَمْ يَزِدْهُ الإِْسْلاَمُ إِلاَّ شِدَّةً وَفِي رِوَايَةٍ وَلَكِنْ تَمَسَّكُوا بِحِلْفِ الْجَاهِلِيَّةِ وَفِي رِوَايَةٍ لاَ حِلْفَ فِي الإِْسْلاَمِ وَحِلْفُ الْجَاهِلِيَّةِ مَشْدُودٌ وَفِي رِوَايَةِ الطَّبَرِيِّ: فُوا بِحِلْفٍ فَإِنَّهُ لاَ يَزِيدُهُ الإِْسْلاَمُ إِلاَّ شِدَّةً وَلاَ تُحْدِثُوا حِلْفًا فِي الإِْسْلاَمِ (٣) .


(١) أحكام القرآن للجصاص ٢ / ١٨٧ لبنان، دار الكتاب العربي، وانظر المغني ٦ / ٣٨١ ط ثالثة.
(٢) سورة النساء / ١١.
(٣) فتح الباري ٤ / ٤٧٣ والطبري ٨ / ٢٨٤ وحديث: " لا حلف في الإسلام، وأيما حلف. . . " أخرجه مسلم (٤ / ١٩٦١ - ط الحلبي) من حديث جبير بن مطعم.