للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا} (١) أَيْ ضَمَّهَا إِلَيْهِ وَأَلْزَمَهُ كَفَالَتَهَا. وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَا وَكَافِل الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا وَأَشَارَ بِأُصْبُعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى (٢) أَيِ الَّذِي يَضُمُّهُ إِلَيْهِ فِي التَّرْبِيَةِ. وَيُسَمَّى النَّصِيبُ كِفْلاً، لأَِنَّ صَاحِبَهُ يَضُمُّهُ إِلَيْهِ.

وَأَمَّا فِي الاِصْطِلاَحِ فَالْكَفَالَةُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: ضَمُّ ذِمَّةِ الْكَفِيل إِلَى ذِمَّةِ الأَْصِيل فِي الْمُطَالَبَةِ مُطْلَقًا أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ بِنَفْسٍ أَوْ بِدَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ كَالْمَغْصُوبِ وَنَحْوِهِ. فَالْكَفِيل وَالضَّمِينُ، وَالْقَبِيل، وَالْحَمِيل، وَالْغَرِيمُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ.

وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الْمَشْهُورِ، وَالْحَنَابِلَةُ أَنَّ الْكَفَالَةَ هِيَ أَنْ يَلْتَزِمَ الرَّشِيدُ بِإِحْضَارِ بَدَنٍ مَنْ يَلْزَمُ حُضُورُهُ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ. فَالْحَنَفِيَّةُ يُطْلِقُونَ الْكَفَالَةَ عَلَى كَفَالَةِ الْمَال وَالْوَجْهِ، وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ يَقْسِمُونَ الضَّمَانَ إِلَى ضَمَانِ الْمَال وَضَمَانِ الْوَجْهِ. وَيُطْلِقُ الشَّافِعِيَّةُ الْكَفَالَةَ عَلَى ضَمَانِ الأَْعْيَانِ الْبَدَنِيَّةِ.

وَأَمَّا عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: فَالضَّمَانُ يَكُونُ الْتِزَامُ حَقٍّ فِي ذِمَّةِ شَخْصٍ آخَرَ، وَالْكَفَالَةُ الْتِزَامٌ بِحُضُورِ بَدَنِهِ إِلَى مَجْلِسِ الْحُكْمِ (٣) .


(١) سورة آل عمران / ٣٧.
(٢) حديث: " أنا وكافل اليتيم في الجنة. . . " أخرجه البخاري (الفتح ١٠ / ٤٦ - ط السلفية) من حديث سهل بن سعد.
(٣) ابن عابدين ٤ / ٢٤٩ ط دار إحياء التراث العربي، والاختيار لتعليل المختار ٢ / ١٦٦، ١٦٧ ط دار المعرفة والقوانين الفقهية / ٣٣٠، وروضة الطالبين ٤ / ٢٤٠ وما بعدها، و٤ / ٢٥٣، وقليوبي وعميرة ٢ / ٣٢٧، والمغني ٤ / ٥٩٠، ٥٩١، ونيل الأوطار ١ / ٣٧٧ ط القاهرة، ولسان العرب، والمصباح المنير مادة: " حمل، كفل، ضمن " والفروق في اللغة / ٢٠١ ط دار الآفاق الجديدة.