للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَنِ الزَّوْجِ: يَقُول ابْنُ رُشْدٍ: وَالْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ فِي نَفْيِ الْحَمْل أَنَّهُ لاَ يَجِبُ بِهِ اللِّعَانُ. (١) وَيَقُول الْخَطِيبُ الشَّافِعِيُّ: إِنْ كَانَ هُنَاكَ وَلَدٌ يَنْفِيهِ مَا دَامَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ، لأَِنَّ تَرْكَ النَّفْيِ يَتَضَمَّنُ الاِسْتِلْحَاقَ، وَاسْتِلْحَاقُ مَنْ لَيْسَ مِنْهُ حَرَامٌ. وَإِنَّمَا يُعْلَمُ إِذَا لَمْ يَطَأْ أَوْ وَطِئَهَا وَلَكِنْ وَلَدَتْهُ لأَِقَل مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْئِهِ، أَوْ لِزِيَادَةٍ عَلَى أَرْبَعِ سِنِينَ - الَّتِي هِيَ أَقْصَى مُدَّةِ الْحَمْل عِنْدَهُمْ - فَلَوْ عَلِمَ زِنَاهَا وَاحْتَمَل كَوْنُ الْوَلَدِ مِنْهُ وَمِنَ الزِّنَى. حَرُمَ النَّفْيُ لِرِعَايَةِ الْفِرَاشِ.

وَفِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ يَنْقُل ابْنُ قُدَامَةَ خِلاَفًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فَنَقَل عَنِ الْخِرَقِيِّ وَجَمَاعَةٍ أَنَّ الْحَمْل لاَ يَنْتَفِي بِنَفْيِهِ قَبْل الْوَضْعِ وَلاَ يَنْتَفِي حَتَّى يُلاَعِنَهَا بَعْدَ الْوَضْعِ.

وَقَال أَبُو بَكْرٍ: يَنْتَفِي الْوَلَدُ بِزَوَال الْفِرَاشِ بِاللِّعَانِ، وَلاَ يَحْتَاجُ إِلَى نَفْيِ الْحَمْل فِي اللِّعَانِ وَقِيل: يَصِحُّ لَعْنُهُ قَبْل وَضْعِهِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ قُدَامَةَ وَغَيْرُهُ. وَنَقَل ابْنُ قُدَامَةَ عَنِ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ الْقَوْل بِجَوَازِ نَفْيِ الْحَمْل، وَأَنَّهُ يُنْفَى بِذَلِكَ، وَأَنَّ الآْثَارَ الَّتِي تَدُل عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْقَوْل كَثِيرَةٌ. وَلأَِنَّ الْحَمْل مَظْنُونٌ بِأَمَارَاتٍ تَدُل عَلَيْهِ. وَصَحَّحَ ابْنُ قُدَامَةَ هَذَا الْقَوْل. (٢)


(١) بداية المجتهد لابن رشد ٢ / ٩٧ نهاية المحتاج ٧ / ١٠٦، ١٤٦، شرح الإقناع ٤ / ٢٨.
(٢) المغني ٧ / ٤٢٣.