للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَعِيبًا فَلاَ يُعْتَبَرُ، بَل يَحِقُّ لَهُ فَسْخُ الْحَوَالَةِ.

وَقَدِ اعْتَبَرَ أَحْمَدُ فِي الْمَلِيءِ الَّذِي يَجِبُ قَبُول الْحَوَالَةِ عَلَيْهِ مَلاَءَتَهُ بِمَالِهِ، وَبِقَوْلِهِ، وَبِبَدَنِهِ، أَيْ أَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَى الْوَفَاءِ، غَيْرَ جَاحِدٍ، وَلاَ مُمَاطِلٍ، كَمَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ، وَكَمَا فَهِمَ ابْنُ قُدَامَةَ فِي الْمُغْنِي.

وَلَكِنْ مُتَأَخِّرِي الْحَنَابِلَةِ عَلَى أَنَّ الْمَلاَءَةَ بِالْقَوْل تَعْنِي عَدَمَ الْجَحْدِ وَعَدَمَ الْمُمَاطَلَةِ، وَيُفَسِّرُونَ الْمَلاَءَةَ بِالْبَدَنِ بِإِمْكَانِ إِحْضَارِ الْمُحَال عَلَيْهِ إِلَى مَجْلِسِ الْحُكْمِ. وَلِذَا لاَ يَجِبُ عِنْدَهُمْ عَلَى الْمُحَال قَبُول الْحَوَالَةِ عَلَى أَبِيهِ، دُونَ رِضَاهُ، وَلاَ عَلَى مَنْ فِي غَيْرِ بَلَدِهِ، لأَِنَّهُ لاَ يُمْكِنُ إِحْضَارُهُمَا إِلَى مَجْلِسِ الْحُكْمِ، وَبِالتَّالِي لاَ يُجْبَرُ الْمُحَال عَلَى هَذَا الْقَبُول.

وَلَمْ يَعْتَبِرُوا فِي الْقُدْرَةِ عَلَى الْوَفَاءِ أَنْ تَكُونَ نَاجِزَةً، فَذُو الْمَال الَّذِي لاَ تَصِل إِلَيْهِ يَدُهُ الآْنَ لأَِمْرٍ مَا، هُوَ مَلِيءٌ مَا دَامَ عَلَى مَا سَبَقَ وَصْفُهُ (١) .

٦٤ - وَقَال الْحَنَفِيَّةُ إِذَا كَانَ الْمُحَال وَلِيُّ قَاصِرٍ كَوَصِيِّ يَتِيمٍ، أَوْ كَانَ صَغِيرًا مُمَيِّزًا، أَجَازَ وَلِيُّهُ الإِْحَالَةَ، فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُحَال عَلَيْهِ حِينَئِذٍ أَمْلأََ مِنَ الْمَدِينِ الأَْوَّل صِيَانَةً لِحَقِّ الصَّغِيرِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلاَ تَقْرَبُوا مَال الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (٢) وَالصَّغِيرُ بِمَثَابَةِ


(١) المغني لابن قدامة ٥ / ٦٠ ومطالب أولي النهى ٣ / ٣٢٨.
(٢) سورة الأنعام / ١٥٣ والإسراء / ٣٥.