للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأَِنَّ الْحَوَالَةَ مُتَسَامَحٌ فِيهَا اسْتِثْنَاءً لأَِنَّهَا إِرْفَاقٌ كَمَا تَقَدَّمَ (١) .

٧٣ - وَلاِعْتِبَارِ هَذِهِ الشَّرِيطَةِ نَصَّ الْمَالِكِيَّةُ - خِلاَفًا لأَِشْهَبَ - عَلَى امْتِنَاعِ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنَانِ (الْمُحَال بِهِ وَالْمُحَال عَلَيْهِ) طَعَامَيْنِ مِنْ بَيْعِ (سَلَمٍ) . بَل هُمْ يَقْتَصِرُونَ عَلَى هَذَا الْقَدْرِ فِي صِيَاغَةِ هَذِهِ الشَّرِيطَةِ، لأَِنَّ الَّذِي يَمْتَنِعُ عِنْدَهُمْ بَيْعُهُ قَبْل قَبْضِهِ إِنَّمَا هُوَ طَعَامُ الْمُعَاوَضَةِ لاَ غَيْرَ (٢) .

(وَمُقْتَضَى هَذِهِ الْعِلَّةِ أَنْ تَمْتَنِعَ عِنْدَهُمْ أَيْضًا الْحَوَالَةُ بِدَيْنٍ عَلَى دَيْنٍ، وَأَحَدُهُمَا طَعَامٌ مِنْ بَيْعٍ وَالآْخَرُ مِنْ قَرْضٍ) . وَهَذَا هُوَ الَّذِي قَرَّرَهُ أَبُو الْوَلِيدِ بْنُ رُشْدٍ (٣) . وَقَدْ جَرَى عَلَيْهِ خَلِيلٌ فِي الْبُيُوعِ، وَلَكِنَّهُ جَرَى هُنَا فِي الْحَوَالَةِ عَلَى عَدَمِ امْتِنَاعِ هَذِهِ الصُّورَةِ، مَتَى كَانَ أَحَدُ الدَّيْنَيْنِ حَالًّا - كَمَا حُكِيَ عَنْ مَالِكٍ نَفْسِهِ، وَعَلَيْهِ عَامَّةُ أَصْحَابِهِ عَدَا ابْنَ الْقَاسِمِ - رُكُونًا إِلَى قَوْل


(١) حاشية ابن عابدين على الدر المختار ٤ / ٢٦٣، والمبسوط ٢٠ / ٤٧، والإنصاف ٥ / ٢٢٣، والنهاية على المنهاج وحواشيها ٤ / ٤١٠ - ٤١١ ومغني المحتاج على المنهاج ٢ / ١٩٤. ولعل هذا من قبيل التفريع على الأصل الآخر: أعني أن الحوالة استيفاء لا بيع (الأشباه والنظائر للسيوطي ١٥١) .
(٢) فقد أجاز أشهب الحوالة إذا اتفق الطعامان في سبب الاستحقاق من سلم أو غيره، وتساوت رؤوس الأموال أو الأثمان وتكون عندئذ من قبيل التولية (بداية المجتهد ٢ / ٣٠٠ والتحفة لابن عاصم وحواشيها للعراقي ٢ / ٣٤) .
(٣) وهو جدير بأن يمثل المذهب المالكي حقا.