للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١٠١ - وَصَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّ الْحَوَالَةَ مِنَ الْعُقُودِ اللاَّزِمَةِ الَّتِي لاَ يُمْكِنُ فَسْخُهَا أَوْ إِبْطَالُهَا مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ مَا لَمْ يُشْرَطْ لَهُ الْخِيَارُ. (١) وَمُدَّةُ خِيَارِ الشَّرْطِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَيَّةُ مُدَّةٍ تُعْلَمُ نِهَايَتُهَا عِنْدَ الصَّاحِبَيْنِ.

وَقَدْ صَرَّحُوا بِجَوَازِ اشْتِرَاطِ الْخِيَارِ لِمَنْ يَجِبُ رِضَاهُ فِي الْحَوَالَةِ، وَهُوَ عَلَى الصَّحِيحِ الْمُحَال وَالْمُحَال عَلَيْهِ فَحَسْبُ، كَمَا يَتَبَادَرُ مِنْ كَلاَمِ بَعْضِهِمْ. (٢)

ثُمَّ قَال الْحَنَفِيَّةُ: إِذَا شَرَطَ الْخِيَارَ لِلْمُحَال أَوِ الْمُحَال عَلَيْهِ أَوْ كِلَيْهِمَا، فَبَدَا لِهَذَا أَوْ ذَاكَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ أَنْ يَعْدِل عَنِ الْعَقْدِ فَذَلِكَ لَهُ، لأَِنَّ أَحَدَ الشَّخْصَيْنِ أَوْ كِلَيْهِمَا قَدْ يَجْهَل صَاحِبُهُ بَعْضَ جَهَالَةٍ، ثُمَّ بَعْدَ تَقَصِّي أَحْوَالِهِ يَبْدُو لَهُ أَنَّ هَذِهِ الْحَوَالَةَ لَيْسَتْ فِي مَصْلَحَتِهِ فَيُرَاجِعُ نَفْسَهُ قَبْل فَوَاتِ الأَْوَانِ.

وَقَدْ لاَ يَجْهَل، وَلَكِنْ تَتَغَيَّرُ حَتَّى فِي هَذِهِ الْفَتْرَةِ الْقَصِيرَةِ، ظُرُوفُ الْمُحَال عَلَيْهِ إِلَى أَسْوَأَ، أَوِ الْمُحِيل إِلَى أَفْضَل، أَوْ يَقَعُ التَّغَيُّرَانِ كِلاَهُمَا، فَيُؤْثِرُ الْمُحَال أَنْ يَعُودَ مِنْ حَيْثُ بَدَأَ.

أَمَّا الْمُحِيل فَشَرْطُ الْخِيَارِ لَهُ أَصَالَةً بَيِّنٌ جِدًّا، عَلَى الْقَوْل بِأَنَّهُ طَرَفٌ فِي الْعَقْدِ، فَقَدْ يَأْنَفُ


(١) ويقول ابن نجيم في الأشباه ٢ / ١٩٢: " الحوالة لازمة إلا في مسألتين " ولم يبينهما.
(٢) البحر ٦ / ٢٧٢ وابن عابدين على الدر المختار ٤ / ٤٨.