للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَحَسْبُ، وَإِلاَّ بَرِئَ هُوَ وَحْدَهُ، قِيَاسًا عَلَى صُلْحِ الْكَفِيل مَعَ الطَّالِبِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، ثُمَّ إِذَا تَوِيَ الْمَال عَادَ الدَّائِنُ الْمُحَال عَلَى أَيِّهِمَا شَاءَ وَفْقًا لِلْحُكْمِ الْعَامِّ فِي الْحَوَالَةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ.

وَبَرَاءَةُ الْمَكْفُول وَالْكَفِيل مَعًا أَصَالَةً وَتَبَعًا إِذَا أَحَال أَحَدُهُمَا الدَّائِنَ لاَ يُنَازِعُ فِيهَا الشَّافِعِيَّةُ وَلاَ الْحَنَابِلَةُ. (١)

أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَيُوَافِقُونَ عَلَى بَرَاءَتِهِمَا بِإِحَالَةِ الأَْصِيل، لأَِنَّ الْكَفِيل تَبَعٌ لَهُ، لَكِنَّهُمْ يُنَازِعُونَ فِي الْعَكْسِ: إِذْ لاَ يَبْرَأُ الأَْصِيل عِنْدَهُمْ بِحَالَةِ الْكَفِيل، وَإِنَّمَا يَبْرَأُ الْكَفِيل وَحْدَهُ لأَِنَّ الأَْصْل لاَ يَتْبَعُ الْفَرْعَ. (٢)

وَمِمَّا يَتَّصِل بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا يَقُولُهُ الْحَنَفِيَّةُ:

ج - (إِنَّ الْكَفَالَةَ مَتَى انْعَقَدَتْ بِأَمْرِ الْمَكْفُول عَنْهُ فَإِنَّهَا تُوجِبُ دَيْنَيْنِ: دَيْنًا لِلطَّالِبِ عَلَى الْكَفِيل، وَدَيْنًا لِلْكَفِيل عَلَى الْمَكْفُول عَنْهُ، إِلاَّ أَنَّ هَذَا الأَْخِيرَ مُؤَجَّلٌ إِلَى وَقْتِ الأَْدَاءِ) وَمَعْنَى هَذَا أَنَّهُ يَتَسَنَّى لِلْكَفِيل أَنْ يُحِيل الْمَكْفُول لَهُ عَلَى الأَْصِيل


(١) البحر وحواشيه ٦ / ٢٦٩، و ٢٧١، والمهذب ١ / ٣٤٢، ونهاية المحتاج ٤ / ٤٤٤، والمغني لابن قدامة ٥ / ٨٣، والفروع ٢ / ٦٢٣، ومطالب أولي النهى ٣ / ٢٩٦ و ٢٩٨.
(٢) الخرشي على خليل ٤ / ٢٤٣ وهو كلام حسن الجرس، ولكن أي طائل تحته؟ ماداموا هم أنفسهم معترفين بأن الحوالة كالقبض، كما وقع في كلامهم غير مرة، ومن ذلك قول الخرشي نفسه: (بمجرد الحوالة يتحول حق المحتال على المحال عليه، وتبرأ ذمة المحيل لأن الحوالة كالقبض)