للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمُحَال لِلْمُحَال عَلَيْهِ فَهِيَ حُكْمٌ عَامٌّ يَثْبُتُ فِي كُل حَوَالَةٍ. وَهَذَانِ الْحَقَّانِ فِي اللاَّزِمَةِ أَحَدُهُمَا - وَهُوَ حَقُّ الْمُحَال عَلَيْهِ - تَبَعٌ لِلآْخَرِ - وَهُوَ حَقُّ الْمُحَال - مَا دَامَ الْوَفَاءُ لَمْ يَتِمَّ بَعْدُ. (١) فَإِنَّ الْمُحَال إِذَا لاَزَمَ الْمُحَال عَلَيْهِ، كَانَ لِلْمُحَال عَلَيْهِ أَنْ يُلاَزِمَ الْمُحِيل، لِيُخَلِّصَهُ وَإِذَا حَبَسَهُ الْمُحَال، كَانَ لَهُ أَنْ يَحْبِسَ الْمُحِيل، لِهَذَا الْغَرَضِ نَفْسِهِ، لَكِنْ بِشَرِيطَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ:

١ - أَنْ تَكُونَ الْحَوَالَةُ بِإِذْنِ الْمُحِيل، أَعْنِي الْمَدِينَ الأَْصْلِيَّ.

٢ - وَأَنْ تَكُونَ الْحَوَالَةُ مُطْلَقَةً غَيْرَ مُقَيَّدَةٍ، لأَِنَّهُ عِنْدَ تَوَافُرِ هَذِهِ الشَّرَائِطِ، يَكُونُ الْمُحِيل هُوَ الَّذِي جَرَّ عَلَى الْمُحَال عَلَيْهِ هَذِهِ التَّبَعَةَ، فَعُهْدَةُ تَخْلِيصِهِ عَلَيْهِ جَزَاءً وِفَاقًا.

أَمَّا إِذَا لَمْ يُلاَزِمْهُ الْمُحَال أَوْ يَحْبِسْهُ، فَبِأَيِّ حَقٍّ يُلاَزِمُ هُوَ الْمُحِيل أَوْ يَحْبِسُهُ، وَالْفَرْضُ أَنْ لَيْسَ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ؟ فَإِذَا لَمْ تَكُنِ الْحَوَالَةُ بِإِذْنِ الْمُحِيل يَكُونُ الْمُحَال عَلَيْهِ مُتَبَرِّعًا بِالْتِزَامِهَا، فَلاَ يَتَوَجَّهُ لَهُ عَلَى الْمُحِيل حَقٌّ، وَإِذَا كَانَتِ الْحَوَالَةُ مُقَيَّدَةً لَمْ تَكُنْ مُلاَزَمَتُهُ لِلْمُحِيل، أَوْ حَبْسُهُ بِأَوْلَى مِنَ الْعَكْسِ، فَيَمْتَنِعَانِ إِذْ لَوِ اسْتَعْمَل هُوَ حَقَّهُ فِي ذَلِكَ لَعَامَلَهُ الْمُحِيل بِالْمِثْل، فَلاَ تَكُونُ ثَمَّ جَدْوَى. (٢)


(١) فتح القدير ٥ / ٤٥١، البحر ٦ / ٢٧٣.
(٢) البدائع ٦ / ١٩، والبحر ٦ / ٢٦٩.