للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ، فَدَل عَلَى أَنَّهُ لاَ يَجْتَمِعُ مَعَهُ. وَقَال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَقِّ ابْنِ عُمَرَ - لَمَّا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ - مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ لِيُطَلِّقْهَا طَاهِرًا أَوْ حَامِلاً (١) . فَجَعَل الْحَمْل عَلَمًا عَلَى عَدَمِ الْحَيْضِ كَالطُّهْرِ.

وَقَدِ اسْتَحَبَّ الْحَنَابِلَةُ لِلْحَامِل أَنْ تَغْتَسِل عِنْدَ انْقِطَاعِ الدَّمِ عَنْهَا احْتِيَاطًا، وَخُرُوجًا مِنَ الْخِلاَفِ.

وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ دَمَ الْحَامِل حَيْضٌ، إِنْ تَوَافَرَتْ شُرُوطُهُ لِعُمُومِ الأَْدِلَّةِ لِخَبَرِ: دَمُ الْحَيْضِ أَسْوَدُ يُعْرَفُ (٢) وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ فِي الْحَامِل تَرَى الدَّمَ: أَنَّهَا تَتْرُكُ الصَّلاَةَ، مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ، فَكَانَ إِجْمَاعًا. وَإِجْمَاعُ أَهْل الْمَدِينَةِ عَلَيْهِ، وَلأَِنَّهُ دَمٌ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ دَمَيِ الْجِبِلَّةِ وَالْعِلَّةِ، وَالأَْصْل السَّلاَمَةُ مِنَ الْعِلَّةِ، وَلأَِنَّهُ دَمٌ لاَ يَمْنَعُهُ الرَّضَاعُ بَل إِذَا وُجِدَ مَعَهُ حُكِمَ بِكَوْنِهِ حَيْضًا، وَإِنْ نَدَرَ فَكَذَا لاَ يَمْنَعُهُ الْحَيْضُ (٣) .


(١) حديث: " مره فليراجعها ثم ليطلقها طاهرة أو حاملا ". أخرجه مسلم (٢ / ١٠٩٥ - ط الحلبي) من حديث عبد الله بن عمر.
(٢) حديث: " دم الحيض أسود يعرف. . . " أخرجه أبو داود (١ / ١٩٧ تحقيق عزت عبيد دعاس) والحاكم (١ / ١٧٤ - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث فاطمة بنت أبي حبيش، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
(٣) حاشية ابن عابدين ١ / ١٨٩، مجموعة رسائل ابن عابدين ١ / ٩٨، الذخيرة ٣٨٤، حاشية الدسوقي ١ / ١٦٩، نهاية المحتاج ١ / ٣٥٥، مغني المحتاج ١ / ١١٨، وكشاف القناع ١ / ٢٠٢.