للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْحَائِضِ إِذِ الْحَيْضُ مَانِعٌ لِصِحَّتِهَا. كَمَا أَنَّهُ يَمْنَعُ وُجُوبَهَا، وَيَحْرُمُ عَلَيْهَا أَدَاؤُهَا. قَال ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ أَهْل الْعِلْمِ عَلَى إِسْقَاطِ فَرْضِ الصَّلاَةِ عَنْهَا فِي أَيَّامِ حَيْضِهَا، لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ: إِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلاَةَ (١) كَمَا نَقَل النَّوَوِيُّ الإِْجْمَاعَ عَلَى سُقُوطِ وُجُوبِ الصَّلاَةِ عَنْهَا.

وَصَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بِأَنَّ سُجُودَ التِّلاَوَةِ وَالشُّكْرِ فِي مَعْنَى الصَّلاَةِ فَيَحْرُمَانِ عَلَى الْحَائِضِ.

كَمَا اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ قَضَاءَ مَا فَاتَ الْحَائِضَ فِي أَيَّامِ حَيْضِهَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ، لِمَا رَوَتْ مُعَاذَةُ قَالَتْ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ مَا بَال الْحَائِضِ تَقْضِي الصَّوْمَ، وَلاَ تَقْضِي الصَّلاَةَ؟ فَقَالَتْ: أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ؟ فَقُلْتُ: لَسْتُ بِحَرُورِيَّةٍ (٢) . وَلَكِنْ أَسْأَل. فَقَالَتْ: كَانَ يُصِيبُنَا ذَلِكَ فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ، وَلاَ نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلاَةِ (٣) . ثُمَّ إِنَّ الْفُقَهَاءَ اخْتَلَفُوا فِي حُكْمِ قَضَائِهَا لِلصَّلاَةِ إِذَا أَرَادَتْ قَضَاءَهَا. فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ


(١) حديث: " إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة " أخرجه البخاري (الفتح ١ / ٤٠٩ - ط السلفية) ومسلم (١ / ٤٦٢ - ط الحلبي) واللفظ لمسلم.
(٢) الحرورية نسبة إلى حروراء، مواطن الخوارج، تريد أن تقول لها أتتشددين كالخوارج.
(٣) حديث عائشة: " كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم ". أخرجه البخاري (الفتح ١ / ٤٢١ - ط السلفية) ومسلم (١ / ٢٦٥ - ط الحلبي) واللفظ لمسلم.