للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصَّغِيرِ أَوِ الْمَرِيضِ، أَوِ الْعَاجِزِ، إِذَا كَانَ فَقِيرًا.

وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ اسْتِخْدَامِ الْفَرْعِ لأَِصْلِهِ.

فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ إِلَى عَدَمِ جَوَازِ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنَ الإِْهَانَةِ وَالإِْذْلاَل وَالاِسْتِخْفَافِ الَّذِي لاَ يَلِيقُ بِمَكَانَةِ الأُْبُوَّةِ.

وَعَلَيْهِ فَلاَ يَجُوزُ لِلْوَلَدِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ وَالِدَهُ لِلاِسْتِخْدَامِ وَإِنْ عَلاَ، وَكَذَلِكَ وَالِدَتُهُ سَوَاءٌ أَكَانَ هَذَا الْوَالِدُ مُسْلِمًا أَمْ كَافِرًا؛ لأَِنَّهُ مَأْمُورٌ بِتَعْظِيمِ وَالِدِهِ وَإِنِ اخْتَلَفَ الدِّينُ، وَفِي الاِسْتِخْدَامِ اسْتِخْفَافٌ بِهِ فَكَانَ حَرَامًا، قَال اللَّهُ تَعَالَى: {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} (١) وَهَذَا الأَْمْرُ وَرَدَ فِي حَقِّ الأَْبَوَيْنِ الْكَافِرَيْنِ، لأَِنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا} (٢) الآْيَةَ.

وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الْمُعْتَمَدِ إِلَى أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْوَلَدِ تَنْزِيهًا اسْتِخْدَامُ أَحَدِ أُصُولِهِ وَإِنْ عَلاَ لِصِيَانَتِهِمْ عَنِ الإِْذْلاَل.

أَمَّا خِدْمَةُ الْوَلَدِ لِوَالِدِهِ، أَوِ اسْتِخْدَامُ الأَْبِ لِوَلَدِهِ فَجَائِزٌ بِلاَ خِلاَفٍ، بَل إِنَّ ذَلِكَ مِنَ الْبِرِّ الْمَأْمُورِ بِهِ شَرْعًا، وَيَكُونُ وَاجِبًا عَلَى الْوَلَدِ خِدْمَةُ أَوْ إِخْدَامُ وَالِدِهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ، وَلِهَذَا فَلاَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ أُجْرَةً عَلَيْهَا، لأَِنَّهَا مُسْتَحَقَّةٌ عَلَيْهِ وَمَنْ قَضَى


(١) سورة لقمان / ١٥.
(٢) سورة لقمان / ١٥.