للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنَ الأَْحَادِيثِ بَيَّنَتْ قَدْرَ الْحَصَاةِ بِأَنْ تَكُونَ صَغِيرَةً كَالَّتِي يَخْذِفُهَا بِهَا، وَلَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي تَقْدِيرِ الصِّغَرِ، وَالْمُخْتَارُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهَا مِقْدَارُ الْبَاقِلاَّ، أَيْ قَدْرُ الْفُولَةِ، وَقِيل: قَدْرُ الْحِمَّصَةِ، أَوِ النَّوَاةِ، أَوِ الأُْنْمُلَةِ. قَال فِي النَّهْرِ:

وَهَذَا بَيَانُ الْمَنْدُوبِ، وَأَمَّا الْجَوَازُ فَيَكُونُ وَلَوْ بِالأَْكْبَرِ مَعَ الْكَرَاهَةِ. (١) وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: قَدْرُ الْفُول، أَوِ النَّوَاةِ، أَوْ دُونَ الأُْنْمُلَةِ، وَلاَ يُجْزِئُ الصَّغِيرُ جِدًّا كَالْحِمَّصَةِ، وَيُكْرَهُ الْكَبِيرُ خَوْفَ الأَْذِيَّةِ وَلِمُخَالَفَتِهِ السُّنَّةَ. (٢) وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: حَصَاةُ الرَّمْيِ دُونَ الأُْنْمُلَةِ طُولاً وَعَرْضًا فِي قَدْرِ حَبَّةِ الْبَاقِلاَّ - وَيُجْزِئُ عِنْدَهُمُ الرَّمْيُ بِأَصْغَرَ أَوْ أَكْبَرَ مَعَ الْكَرَاهَةِ. (٣)

وَقَال الْحَنَابِلَةُ: مَا كَانَ أَكْبَرَ مِنَ الْحِمَّصِ وَدُونَ الْبُنْدُقِ، وَإِنْ رَمَى بِحَجَرٍ أَكْبَرَ، فَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَال: لاَ يُجْزِئُهُ حَتَّى يَأْتِيَ بِالْحَصَى عَلَى مَا فَعَل النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَلِكَ لأَِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِهَذَا الْمِقْدَارِ فِي قَوْلِهِ: بِأَمْثَال هَؤُلاَءِ. . . " (٤) وَنَهَى عَنْ تَجَاوُزِهِ، وَالأَْمْرُ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ، وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي فَسَادَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ؛ وَلأَِنَّ الرَّمْيَ بِالْكَبِيرِ مِنَ الْحَصَى رُبَّمَا آذَى مَنْ يُصِيبُهُ. قَال فِي الْمُغْنِي. وَقَال بَعْضُ أَصْحَابِنَا: تُجْزِئُهُ مَعَ تَرْكِهِ


(١) ابن عابدين ٢ / ١٧٩.
(٢) حاشية الدسوقي ٢ / ٥٠.
(٣) حاشية الجمل ٢ / ٤٧٤، ونهاية المحتاج ٣ / ٣٠٤.
(٤) حديث: " بأمثال هؤلاء ". سبق تخريجه (ف / ٤) .