للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بِعُلُوجِهَا، فَمَا يُسَدُّ بِهِ الثُّغُورُ، وَمَا يَكُونُ لِلذُّرِّيَّةِ وَالأَْرَامِل بِهَذَا وَبِغَيْرِهِ مِنْ أَرْضِ الشَّامِ وَالْعِرَاقِ؟ فَأَكْثَرُوا عَلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَقَالُوا: أَتَقِفُ مَا أَفَاءَ اللَّهُ بِأَسْيَافِنَا عَلَى قَوْمٍ لَمْ يَحْضُرُوا وَلَمْ يَشْهَدُوا، وَلأَِبْنَاءِ الْقَوْمِ وَلآِبَاءِ أَبْنَائِهِمْ وَلَمْ يَحْضُرُوا؟ .

وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ بِلاَل بْنَ رَبَاحٍ كَانَ مِنْ أَشَدِّ الصَّحَابَةِ وَأَكْثَرِهِمْ تَمَسُّكًا بِالرَّأْيِ الْمُخَالِفِ، حَتَّى قَال عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: اللَّهُمَّ اكْفِنِي بِلاَلاً وَأَصْحَابَهُ " (١) وَمَكَثُوا فِي ذَلِكَ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةً أَوْ دُونَ ذَلِكَ وَعُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُحَاجُّهُمْ إِلَى أَنْ وَجَدَ مَا يُؤَيِّدُ رَأْيَهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، فَقَال: قَدْ وَجَدْتُ حُجَّةً، قَال تَعَالَى فِي كِتَابِهِ: {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلاَ رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُل شَيْءٍ قَدِيرٌ} (٢) حَتَّى فَرَغَ مِنْ شَأْنِ بَنِي النَّضِيرِ فَهَذِهِ عَامَّةٌ فِي الْقُرَى كُلِّهَا. ثُمَّ قَال تَعَالَى: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْل الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُول وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيل كَيْ لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَْغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُول فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ


(١) المعني: اللهم اكفني خلافهم، وأعني على مناقشتهم وإقناعهم، ولا يظن بأنه دعا عليهم وعلى بلال بالموت، لأنه هو الذي يقول فيه: " أبو بكر سيدنا أعتق سيدنا ".
(٢) سورة الحشر / ٦.