للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَظَلَمَهُمْ، وَأَخَذَهُمْ بِمَا يُجْحِفُ بِهِمْ لِيَسْلَمَ مِمَّا دَخَل فِيهِ، وَفِي ذَلِكَ وَأَمْثَالِهِ خَرَابُ الْبِلاَدِ وَهَلاَكُ الرَّعِيَّةِ.

وَالْمُتَقَبِّل لاَ يُبَالِي بِهَلاَكِهِمْ بِصَلاَحِ أَمْرِهِ فِي قَبَالَتِهِ، وَلَعَلَّهُ أَنْ يَسْتَفْضِل بَعْدَ أَنْ يَتَقَبَّل بِهِ فَضْلاً كَثِيرًا، وَلَيْسَ يُمْكِنُهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِشِدَّةٍ مِنْهُ عَلَى الرَّعِيَّةِ وَضَرْبٍ لَهُمْ شَدِيدٍ، وَإِقَامَتِهِ لَهُمْ فِي الشَّمْسِ وَتَعْلِيقِ الْحِجَارَةِ فِي الأَْعْنَاقِ، وَعَذَابٍ عَظِيمٍ يَنَال أَهْل الْخَرَاجِ مِمَّا لَيْسَ يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنَ الْفَسَادِ الَّذِي نَهَى اللَّهُ عَنْهُ، وَإِنَّمَا أَكْرَهُ الْقَبَالَةَ، لأَِنِّي لاَ آمَنُ أَنْ يَحْمِل هَذَا الْمُتَقَبِّل عَلَى أَهْل الْخَرَاجِ مَا لَيْسَ يَجِبُ عَلَيْهِمْ، فَيُعَامِلَهُمْ بِمَا وَصَفْتُ لَكَ فَيَضُرَّ ذَلِكَ بِهِمْ فَيُخَرِّبُوا مَا عَمَّرُوا، وَيَدَعُوهُ فَيَنْكَسِرَ الْخَرَاجُ. (١)

وَالأَْصْل فِي كَرَاهَتِهِ هَذَا أَنَّهُ بَيْعُ ثَمَرٍ لَمْ يَبْدُ صَلاَحُهُ، وَلَمْ يُخْلَقْ بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ، فَأَمَّا الْمُعَامَلَةُ عَلَى الثُّلُثِ، وَالرُّبُعِ، وَكِرَاءُ الأَْرْضِ الْبَيْضَاءِ، فَلَيْسَتَا مِنَ الْقَبَالاَتِ وَلاَ يَدْخُلاَنِ فِيهِمَا، وَقَدْ رُخِّصَ فِي هَذَيْنِ، وَلاَ نَعْلَمُ الْمُسْلِمِينَ اخْتَلَفُوا فِي كَرَاهَةِ الْقَبَالَةِ.

فَإِذَا أَمِنَ الإِْمَامُ عَدَمَ الظُّلْمِ، وَالْجَوْرِ، وَالْعَسْفِ وَرَضِيَ أَهْل الْخَرَاجِ بِهَذَا النِّظَامِ، فَقَدْ قَال أَبُو يُوسُفَ: لاَ بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ جَاءَ أَهْل طَسُّوجٍ - نَاحِيَةٍ - أَوْ مِصْرٍ مِنَ الأَْمْصَارِ وَمَعَهُمْ


(١) أبو يوسف: الخراج ص ١٠٥ - ١٠٦.