للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الصَّرْفِ، كَمَا فَرَّقُوا بَيْنَ الْفَيْءِ وَالزَّكَاةِ مِنْ جِهَةٍ، وَمِنْ جِهَةٍ ثَانِيَةٍ بَيْنَ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ.

فَالْفَيْءُ يَتَوَقَّفُ صَرْفُهُ عَلَى اجْتِهَادِ الإِْمَامِ فِي تَقْدِيرِ الْمَصَالِحِ، وَتَقْدِيمِ الأَْهَمِّ عَلَى الْمُهِمِّ، وَالزَّكَاةُ تُصْرَفُ فِي الْمَصَارِفِ الثَّمَانِيَةِ الَّتِي حَدَّدَتْهَا آيَةُ الصَّدَقَاتِ. وَالْغَنِيمَةُ تُخَمَّسُ، وَتُقْسَمُ الأَْرْبَعَةُ الأَْخْمَاسِ بَيْنَ الْغَانِمِينَ كَمَا حَدَّدَتْ آيَةُ الْغَنَائِمِ.

قَال ابْنُ رُشْدٍ: يُصْرَفُ خَرَاجُهَا - أَيْ خَرَاجُ الأَْرْضِ الْمَفْتُوحَةِ عَنْوَةً - فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَرْزَاقِ الْمُقَاتِلَةِ وَبِنَاءِ الْقَنَاطِرِ، وَالْمَسَاجِدِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ سُبُل الْخَيْرِ (١) .

(وَقَال الْبُهُوتِيُّ: وَمَصْرِفُ الْخَرَاجِ كَفَيْءٍ لأَِنَّهُ مِنْهُ) . (٢)

وَقَال الْكَاسَانِيُّ: وَأَمَّا مَصْرِفُ النَّوْعِ الثَّالِثِ مِنَ الْخَرَاجِ وَأَخَوَاتِهِ فَعِمَارَةُ الدِّينِ، وَإِصْلاَحُ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ رِزْقُ الْوُلاَةِ، وَالْقُضَاةِ وَأَهْل الْفَتْوَى مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَالْمُقَاتِلَةِ، وَرَصْفُ الطُّرُقِ وَعِمَارَةُ الْمَسَاجِدِ، وَالرِّبَاطَاتِ، وَالْقَنَاطِرِ، وَالْجُسُورِ، وَسَدُّ الثُّغُورِ، وَإِصْلاَحُ الأَْنْهَارِ الَّتِي لاَ مِلْكَ لأَِحَدٍ فِيهَا. (٣)

(وَقَال النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ: مَا يُؤْخَذُ مِنْ خَرَاجِ هَذِهِ الأَْرْضِ يَصْرِفُهُ الإِْمَامُ فِي مَصَالِحِ


(١) ابن رشد: بداية المجتهد ١ / ٤٠١.
(٢) البهوتي: كشاف القناع ٣ / ١٠٠.
(٣) الكاساني: بدائع الصنائع ٢ / ٩٥٩.