للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْخَطَأُ فِي الْعِبَادَةِ مَرْفُوعٌ غَيْرُ مُوجِبٍ لِلْقَضَاءِ إِنْ لَمْ يُؤْمَنْ وُقُوعُ مِثْلِهِ فِي الْمَفْعُول ثَانِيًا، كَمَا لَوْ أَخْطَأَ الْحَجِيجُ فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، فَوَقَفُوا الْعَاشِرَ لاَ يَجِبُ الْقَضَاءُ؛ لأَِنَّ الْخَطَأَ لاَ يُؤْمَنُ فِي السِّنِينَ الْمُسْتَقْبَلَةِ. أَمَّا إِذَا أَمْكَنَ التَّحَرُّزُ مِنْهُ فَلاَ يَكُونُ الْخَطَأُ عُذْرًا فِي إِسْقَاطِ الْقَضَاءِ كَمَا إِذَا أَخْطَأَ الْحَجِيجُ فِي الْمَوْقِفِ فَوَقَفُوا فِي غَيْرِ عَرَفَةَ، فَيَلْزَمُهُمُ الْقَضَاءُ سَوَاءٌ كَانُوا جَمْعًا كَثِيرًا أَوْ قَلِيلاً؛ لأَِنَّ الْخَطَأَ فِي الْمَوْقِفِ يُؤْمَنُ مِثْلُهُ فِي الْقَضَاءِ، وَكَالْحَاكِمِ يَحْكُمُ بِالاِجْتِهَادِ ثُمَّ يَجِدُ النَّصَّ بِخِلاَفِهِ لاَ يُعْتَدُّ بِحُكْمِهِ.

وَلَوْ صَلَّى بِالاِجْتِهَادِ ثُمَّ تَيَقَّنَ الْخَطَأَ بَعْدَ الصَّلاَةِ وَجَبَ الْقَضَاءُ فِي الأَْصَحِّ، وَلَوِ اجْتَهَدَ فِي أَوَانٍ، أَوْ ثِيَابٍ، ثُمَّ بَانَ أَنَّ الَّذِي تَوَضَّأَ بِهِ أَوْ لَبِسَهُ كَانَ نَجِسًا لَزِمَتْهُ الإِْعَادَةُ (١) .

وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّ الْفِعْل الْوَاقِعَ خَطَأً أَوْ نِسْيَانًا لَغْوٌ فِي الأَْحْكَامِ، كَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ لَغْوًا فِي الآْثَامِ. وَبَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ، وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ (٢) .


(١) المنثور في القواعد ٢ / ١٢٢، ١٢٣
(٢) حديث: " رفع عن أمتي الخطأ والنسيان " أخرجه الطبراني عن ثوبان وفي إسناده يزيد بن ربيعة الرجحي، وهوضعيف كما قال الهيثمي (فيض القدير ٤ / ٣٤، ٣٥) ويدل على معناه ما أخرجه ابن ماجه من حديث عبد الله بن عباس " إن الله رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه " وقد صححه الحاكم ووافقه الذهبي (ابن ماجه ١ / ٦٥٩ ط الحلبي، والحاكم ٢ / ١٩٨ ط دائرة المعارف العثمانية)