للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَنْهُ فَيُعْذَرُ، وَإِنْ غَيَّرَ الْمَعْنَى تَغْيِيرًا فَاحِشًا مِمَّا اعْتِقَادُهُ كُفْرٌ، مِثْل الْبَارِئِ الْمُصَوَّرِ - بِفَتْحِ الْوَاوِ - وَ {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءَ} (١) بِرَفْعِ اسْمِ الْجَلاَلَةِ وَنَصْبِ الْعُلَمَاءِ - فَسَدَتْ فِي قَوْل الْمُتَقَدِّمِينَ، وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ: فَقَال جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ: لاَ تَفْسُدُ. وَمَا قَالَهُ الْمُتَقَدِّمُونَ أَحْوَطُ؛ لأَِنَّهُ لَوْ تَعَمَّدَ يَكُونُ كُفْرًا، وَمَا يَكُونُ كُفْرًا لاَ يَكُونُ مِنَ الْقُرْآنِ، فَيَكُونُ مُتَكَلِّمًا بِكَلاَمِ النَّاسِ الْكُفَّارِ غَلَطًا وَهُوَ مُفْسِدٌ، كَمَا لَوْ تَكَلَّمَ بِكَلاَمِ النَّاسِ سَاهِيًا مِمَّا لَيْسَ بِكُفْرٍ فَكَيْفَ وَهُوَ كُفْرٌ، وَقَوْل الْمُتَأَخِّرِينَ أَوْسَعُ؛ لأَِنَّ النَّاسَ لاَ يُمَيِّزُونَ بَيْنَ وُجُوهِ الإِْعْرَابِ.

وَيَتَّصِل بِهَذَا تَخْفِيفُ الْمُشَدَّدِ، وَعَامَّةُ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّ تَرْكَ الْمَدِّ وَالتَّشْدِيدِ كَالْخَطَأِ فِي الإِْعْرَابِ، فَلِذَا قَال كَثِيرٌ بِالْفَسَادِ فِي تَخْفِيفِ - {رَبِّ الْعَالَمِينَ} - وَ - {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} - وَالأَْصَحُّ لاَ تَفْسُدُ.

وَأَمَّا فِي الْحُرُوفِ فَإِذَا وَضَعَ حَرْفًا مَكَانَ غَيْرِهِ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ خَطَأً أَوْ عَجْزًا، فَالأَْوَّل إِنْ لَمْ يُغَيِّرَ الْمَعْنَى وَكَانَ مِثْلُهُ مَوْجُودًا فِي الْقُرْآنِ نَحْوُ - إِنَّ الْمُسْلِمُونَ - لاَ تَفْسُدُ، وَإِنْ لَمْ يُغَيِّرْ وَلَيْسَ مِثْلُهُ فِي الْقُرْآنِ نَحْوُ - قَيَّامِينَ بِالْقِسْطِ - وَالتَّيَّابِينَ - وَالْحَيُّ الْقَيَّامُ - لَمْ تَفْسُدْ عِنْدَهُمَا، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ تَفْسُدُ. وَإِنْ غَيَّرَ الْمَعْنَى فَسَدَتْ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ إِنْ لَمْ يَكُنْ مِثْلُهُ فِي الْقُرْآنِ. فَلَوْ قَرَأَ أَصْحَابَ الشَّعِيرِ - بِشِينٍ مُعْجَمَةٍ فَسَدَتِ اتِّفَاقًا -


(١) سورة فاطر / ٢٨