للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَمَا إِذَا تَمَضْمَضَ فَدَخَل الْمَاءُ فِي حَلْقِهِ فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ فِي قَوْلٍ: يَبْطُل الصَّوْمُ وَيَلْزَمُ الْقَضَاءُ دُونَ الْكَفَّارَةِ؛ لأَِنَّ الْخَطَأَ عُذْرٌ لاَ يَغْلِبُ وُجُودُهُ بِخِلاَفِ النِّسْيَانِ فَإِنَّهُ عُذْرٌ غَالِبٌ؛ وَلأَِنَّ الْوُصُول إِلَى الْجَوْفِ مَعَ التَّذَكُّرِ فِي الْخَطَأِ لَيْسَ إِلاَّ لِتَقْصِيرٍ فِي الاِحْتِرَازِ فَيُنَاسِبُ الْفَسَادَ، إِذْ فِيهِ نَوْعُ إِضَافَةٍ إِلَيْهِ بِخِلاَفِ النِّسْيَانِ (١) .

وَمَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ وَقَوْلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: عَدَمُ الْبُطْلاَنِ مُطْلَقًا؛ لأَِنَّهُ وَصَل إِلَى جَوْفِهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ فَلَمْ يَبْطُل صَوْمُهُ كَغُبَارِ الطَّرِيقِ وَغَرْبَلَةِ الدَّقِيقِ وَالذُّبَابِ (٢) .

وَالصَّحِيحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ إِنْ بَالَغَ أَفْطَرَ وَإِلاَّ فَلاَ، لأَِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال لِلَقِيطِ بْنِ صَبِرَةَ بَالِغْ فِي الاِسْتِنْشَاقِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ صَائِمًا (٣) فَنَهَاهُ عَنِ الْمُبَالَغَةِ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ وُصُول الْمَاءِ فِي الْمُبَالَغَةِ يُبْطِل صَوْمَهُ لَمْ يَكُنْ لِلنَّهْيِ عَنِ الْمُبَالَغَةِ مَعْنًى، وَلأَِنَّ الْمُبَالِغَ مَنْهِيٌّ عَنْهَا فِي الصَّوْمِ، وَمَا تَوَلَّدَ مِنْ سَبَبٍ مَنْهِيٍّ عَنْهُ فَهُوَ كَالْمُبَاشَرَةِ، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ أَنَّهُ


(١) شرح فتح القدير ٢ / ٣٢٨، بدائع الصنائع ٢ / ١٠٢٤، حاشية رد المحتار ٢ / ٤٠٦، درر الحكام شرح غرر الأحكام ١ / ٢٠٢ والشرح الصغير ١ / ٧٠٩، والمجموع ٦ / ٣٢٦
(٢) كشاف القناع ٢ / ٣٢١ والمجموع ٦ / ٣٢٦
(٣) حديث: " لقيط بن صبرة: " بالغ في الاستنشاق ". أخرجه الترمذي (٣ / ١٤٦ - ط الحلبي) وقال: " حسن صحيح ".