للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْيَمِينِ لَمْ يَكُنْ فِيهِ دَلِيلٌ؛ لأَِنَّ الْمَذْكُورَ فِيهِ جَعَل الْهَزْل بِالْيَمِينِ جِدًّا، وَالْهَازِل قَاصِدٌ لِلْيَمِينِ غَيْرُ رَاضٍ بِحُكْمِهِ فَلاَ يُعْتَبَرُ عَدَمُ رِضَاهُ بِهِ شَرْعًا بَعْدَ مُبَاشَرَتِهِ السَّبَبَ مُخْتَارًا، وَالنَّاسِي بِالتَّفْسِيرِ الْمَذْكُورِ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا أَصْلاً وَلَمْ يَدْرِ مَا صَنَعَ، وَكَذَا الْمُخْطِئُ لَمْ يَقْصِدْ قَطُّ التَّلَفُّظَ بِهِ، بَل بِشَيْءٍ آخَرَ فَلاَ يَكُونُ الْوَارِدُ فِي الْهَازِل وَارِدًا فِي النَّاسِي الَّذِي لَمْ يَقْصِدْ قَطُّ مُبَاشَرَةَ السَّبَبِ، فَلاَ يَثْبُتُ فِي حَقِّهِ نَصًّا وَلاَ قِيَاسًا. (١)

وَفَرَّقَ الْمَالِكِيَّةُ بَيْنَ نَوْعَيْنِ مِنَ الْخَطَأِ:

الأَْوَّل - سَبْقُ اللِّسَانِ بِمَعْنَى غَلَبَتِهِ وَجَرَيَانِهِ عَلَى لِسَانِهِ نَحْوُ: لاَ وَاللَّهِ مَا فَعَلْتُ كَذَا، وَاللَّهِ مَا فَعَلْتُ كَذَا.

الثَّانِي - انْتِقَالُهُ مِنْ لَفْظٍ لآِخَرَ وَالْتِفَاتُهُ إِلَيْهِ عِنْدَ إِرَادَةِ النُّطْقِ بِغَيْرِهِ.

وَقَالُوا: إِنَّ الْقِسْمَ الأَْخِيرَ لاَ شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهِ وَيَدِينُ أَيْ يُقْبَل قَوْلُهُ دِيَانَةً، كَسَبْقِ اللِّسَانِ فِي الطَّلاَقِ، أَمَّا الأَْوَّل فَيَلْزَمُهُ الْيَمِينُ. (٢)

وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِنْ سَبَقَ لِسَانُهُ إِلَى لَفْظِ الْيَمِينِ بِلاَ قَصْدٍ فِي حَال غَضَبِهِ: كَلاَ وَاللَّهِ وَبَلَى وَاللَّهِ، وَكَذَا فِي حَال عَجَلَتِهِ، أَوْ صِلَةِ


(١) حاشية رد المحتار ٣ / ٧٠٨، فتح القدير ٥ / ٦٤، درر الحكام ٢ / ٣٩
(٢) حاشية الدسوقي ٢ / ١٢٧، شرح الزرقاني ٣ / ٥١، شرح الخرشي ٣ / ٥٢