للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَا يَصْلُحُ لِلدَّلاَلَةِ عَلَى الْمَقْصُودِ وَغَيْرِهِ إِلاَّ أَنَّ إِشْعَارَهُ بِالْمَقْصُودِ أَتَمُّ، وَيُسَمَّى تَلْوِيحًا، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكِنَايَةِ أَنَّ التَّعْرِيضَ مَا ذَكَرْنَاهُ، وَالْكِنَايَةَ هِيَ التَّعْبِيرُ عَنِ الشَّيْءِ بِلاَزِمِهِ، كَقَوْلِنَا فِي كَرَمِ الشَّخْصِ: هُوَ طَوِيل النِّجَادِ كَثِيرُ الرَّمَادِ (١) .

وَعَرَّفَ الشَّافِعِيَّةُ التَّعْرِيضَ بِالْخِطْبَةِ بِأَنَّهُ: مَا يَحْتَمِل الرَّغْبَةَ فِي النِّكَاحِ وَغَيْرِهَا كَقَوْلِهِ: وَرُبَّ رَاغِبٍ فِيكِ، وَمَنْ يَجِدُ مِثْلَكِ؟

وَقَالُوا: وَنَحْوُ الْكِنَايَةِ وَهِيَ الدَّلاَلَةُ عَلَى الشَّيْءِ بِذِكْرِ لاَزِمِهِ قَدْ يُفِيدُ مَا يُفِيدُهُ التَّصْرِيحُ كَأُرِيدُ أَنْ أُنْفِقَ عَلَيْكِ نَفَقَةَ الزَّوْجَاتِ وَتَحِلِّينَ لِي، وَقَدْ لاَ يُفِيدُ ذَلِكَ فَيَكُونُ تَعْرِيضًا كَذِكْرِ الْعِبَارَةِ السَّابِقَةِ " أُرِيدُ أَنْ أُنْفِقَ. . . إِلَخْ " مَا عَدَا " وَتَحِلِّينَ لِي ". (٢)

وَفَسَّرَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا التَّعْرِيضَ فِي قَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} (٣) بِقَوْلِهِ: يَقُول: إِنِّي أُرِيدُ التَّزَوُّجَ، وَلَوَدِدْتُ أَنَّهُ يُيَسَّرُ لِي امْرَأَةٌ صَالِحَةٌ. (٤)


(١) مواهب الجليل ٣ / ٤١٧
(٢) أسنى المطالب ٣ / ١١٥، ونهاية المحتاج ٦ / ١٩٩
(٣) سورة البقرة / ٢٣٥
(٤) نيل الأوطار ٦ / ١٢٣، وتفسير ابن عباس التعريض في قوله تعالي: " ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء) . أخرجه البخاري (الفتح ٩ / ١٧٨ - ط السلفية) .