للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَذَلِكَ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ إِزَالَةُ النَّجَاسَةِ مِنَ الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ بِالْخَل، فَالطَّهَارَةُ مِنَ النَّجَاسَةِ لاَ تَحْصُل عِنْدَهُمْ إِلاَّ بِمَا تَحْصُل بِهِ الطَّهَارَةُ مِنَ الْحَدَثِ، لِدُخُولِهَا فِي عُمُومِ الطَّهَارَةِ، وَهَذَا قَوْل الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَقَوْل مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، وَزُفَرَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} (١) ، {وَيُنَزِّل عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ} (٢) ، قَال النَّوَوِيُّ: ذَكَرَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى امْتِنَانًا فَلَوْ حَصَلَتِ الطَّهَارَةُ بِغَيْرِهِ لَمْ يَحْصُل الاِمْتِنَانُ بِهِ (٣) .

وَلِمَا وَرَدَ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: إِذَا أَصَابَ ثَوْبَ إِحْدَاكُنَّ الدَّمُ مِنَ الْحَيْضَةِ فَلْتَقْرُصْهُ، ثُمَّ لِتَنْضَحْهُ بِمَاءٍ ثُمَّ لِتُصَلِّيَ فِيهِ (٤) . وَلَمْ يُنْقَل عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَوَازُ إِزَالَةِ النَّجَاسَةِ بِغَيْرِ الْمَاءِ، فَلَوْ جَازَ بِغَيْرِ الْمَاءِ لَبَيَّنَهُ مَرَّةً فَأَكْثَرَ (٥) .

وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَهُوَ رِوَايَةٌ عِنْدَ


(١) سورة الفرقان / ٤٨.
(٢) سورة الأنفال / ١١.
(٣) المجموع للنووي ١ / ٩٥.
(٤) حديث: " إذا أصاب ثوب إحداكن الدم من الحيضة. . " أخرجه البخاري (الفتح ١ / ٤١٠ - ط السلفية) . ومسلم (١ / ٢٤٠ - ط الحلبي) من حديث أسماء بنت أبي بكر واللفظ للبخاري.
(٥) المجموع للنووي ١ / ٩٥، والمراجع السابقة.