للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلاَ تَصِحُّ الْخَلْوَةُ فِي الْمَسْجِدِ، وَالطَّرِيقِ، وَالصَّحْرَاءِ، وَعَلَى سَطْحٍ لاَ حِجَابَ عَلَيْهِ؛ لأَِنَّ الْمَسْجِدَ يَجْمَعُ النَّاسَ لِلصَّلاَةِ، وَلاَ يُؤْمَنُ مِنَ الدُّخُول عَلَيْهِ سَاعَةً فَسَاعَةً، وَكَذَا الْوَطْءُ فِي الْمَسْجِدِ حَرَامٌ، قَال عَزَّ وَجَل: {وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} (١) .

وَالطَّرِيقُ مَمَرُّ النَّاسِ لاَ تَخْلُو عَنْهُمْ عَادَةً، وَذَلِكَ يُوجِبُ الاِنْقِبَاضَ فَيَمْنَعُ الْوَطْءَ، وَكَذَا الصَّحْرَاءُ وَالسَّطْحُ مِنْ غَيْرِ حِجَابٍ، لأَِنَّ الإِْنْسَانَ يَنْقَبِضُ عَنِ الْوَطْءِ فِي مِثْلِهِ لاِحْتِمَال أَنْ يَحْصُل هُنَاكَ ثَالِثٌ، أَوْ يَنْظُرَ إِلَيْهِ أَحَدٌ.

وَلَوْ خَلاَ بِهَا فِي حَجَلَةٍ أَوْ قُبَّةٍ فَأَرْخَى السِّتْرَ عَلَيْهِ فَهِيَ خَلْوَةٌ صَحِيحَةٌ؛ لأَِنَّ ذَلِكَ فِي مَعْنَى الْبَيْتِ.

وَلاَ خَلْوَةَ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ؛ لأَِنَّ الْوَطْءَ فِيهِ حَرَامٌ فَكَانَ الْمَانِعُ الشَّرْعِيُّ قَائِمًا (٢) .

١٥ - وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: الْخَلْوَةُ الصَّحِيحَةُ، وَهِيَ خَلْوَةُ الاِهْتِدَاءِ، مِنَ الْهُدُوءِ وَالسُّكُونِ؛ لأَِنَّ كُل وَاحِدٍ مِنَ الزَّوْجَيْنِ سَكَنٌ لِلآْخَرِ وَاطْمَأَنَّ إِلَيْهِ، وَهِيَ الْمَعْرُوفَةُ عِنْدَهُمْ بِإِرْخَاءِ السُّتُورِ، كَانَ هُنَاكَ إِرْخَاءُ سُتُورٍ، أَوْ غَلْقُ بَابٍ، أَوْ غَيْرِهِ. وَمِنَ الْخَلْوَةِ الصَّحِيحَةِ عِنْدَهُمْ أَيْضًا، خَلْوَةُ الزِّيَارَةِ، أَيْ زِيَارَةُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلآْخَرِ. وَتَكُونُ بِخَلْوَةِ


(١) سورة البقرة / ١٨٧.
(٢) البدائع ٢ / ٢٩٢ - ٢٩٣.