للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإِْجَارَةِ مُدَّةً، فَهُمْ لاَ يَقْصِدُونَ خُصُوصَ تِلْكَ الْمُدَّةِ، وَالْعُرْفُ عِنْدَنَا كَالشَّرْطِ، فَمَنِ احْتَكَرَ أَرْضًا مُدَّةً وَمَضَتْ فَلَهُ أَنْ يَبْقَى وَلَيْسَ لِلْمُتَوَلِّي أَمْرَ الْوَقْفِ إِخْرَاجُهُ، نَعَمْ إِنْ حَصَل مَا يَدُل عَلَى قَصْدِ الإِْخْرَاجِ بَعْدَ الْمُدَّةِ وَأَنَّهَا لَيْسَتْ عَلَى الأَْبَدِ فَإِنَّهُ يُعْمَل بِذَلِكَ. (١)

لَكِنْ قَال الشَّيْخُ عُلَيْشٌ: يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ ضَرْبَ الأَْجَل يَصِيرُ لاَ فَائِدَةَ فِيهِ، إِلاَّ أَنْ يُقَال: ضَرَبَهُ فِي مُقَابَلَةِ الْمَقْبُوضِ وَمَعَهُ تَأْبِيدُ الْحَكْرِ، فَتَكُونُ الدَّرَاهِمُ عُجِّلَتْ فِي نَظِيرِ شَيْئَيْنِ: الأَْجَل الْمَضْرُوبِ، وَالتَّأْبِيدِ بِالْحَكْرِ، وَيُنْظَرُ فِي ذَلِكَ. (٢)

وَإِنَّمَا تَصِحُّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ إِنْ كَانَتْ تِلْكَ الْبَلَدُ قَدْ جَرَى فِيهَا ذَلِكَ الْعُرْفُ، فَيَقُومُ مَقَامَ الشَّرْطِ، وَإِلاَّ فَلاَ، قَال الدُّسُوقِيُّ: يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ شَيْءٍ مُؤَجَّرٍ مُدَّةً تَلِي مُدَّةَ الإِْجَارَةِ الأَْوْلَى لِلْمُسْتَأْجِرِ نَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ، مَا لَمْ يَجْرِ عُرْفٌ بِعَدَمِ إِيجَارِهَا إِلاَّ لِلأَْوَّل، كَالأَْحْكَارِ بِمِصْرَ، وَإِلاَّ عُمِل بِهِ؛ لأَِنَّ الْعُرْفَ كَالشَّرْطِ، وَصُورَةُ ذَلِكَ إِذَا اسْتَأْجَرَ إِنْسَانٌ دَارًا مَوْقُوفَةً مُدَّةً مُعَيَّنَةً وَأَذِنَ لَهُ النَّاظِرُ بِالْبِنَاءِ فِيهَا لِيَكُونَ لَهُ خُلُوًّا وَجَعَل لَهُ حَكْرًا كُل سَنَةٍ لِجِهَةِ الْوَقْفِ فَلَيْسَ لِلنَّاظِرِ أَنْ يُؤَاجِرَهَا لِغَيْرِ مُسْتَأْجِرِهَا مُدَّةَ إِيجَارِ الأَْوَّل لِجَرَيَانِ الْعُرْفِ بِأَنَّهُ لاَ يَسْتَأْجِرُهَا


(١) العدوي على الخرشي ٧ / ٧٩.
(٢) فتح العلي المالك ٢ / ٢٥٠ وما بعدها.