للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْبَعْضُ الثَّانِي هُوَ الْخُلُوُّ، فَيَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ الْوَقْفُ. وَبِمِثْلِهِ قَال الرَّحِيبَانِيُّ مِنَ الْحَنَابِلَةِ: إِذَا جَرَتِ الْعَادَةُ بِهِ خَرَّجَهُ مِنْ قَوْل أَحْمَدَ بِصِحَّةِ وَقْفِ الْمَاءِ إِنْ كَانُوا قَدِ اعْتَادُوهُ. ثُمَّ قَال: وَهَذَا مَا ظَهَرَ لِي وَلَمْ أَجِدْهُ مَسْطُورًا، لَكِنَّ الْقِيَاسَ لاَ يَأْبَاهُ وَلَيْسَ فِي كَلاَمِهِمْ مَا يُخَالِفُهُ.

قَال الْعَدَوِيُّ: عَلَى أَنَّهُ إِنْ كَانَ الْخُلُوُّ لِكِتَابِيٍّ فِي وَقْفِ مَسْجِدٍ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ وَقْفِهِ عَلَى كَنِيسَةٍ مَثَلاً.

وَالرَّأْيُ الآْخَرُ لَدَى كُلٍّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَصَرَّحَ بِهِ الشِّرْوَانِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ، أَنَّ الْخُلُوَّاتِ لاَ يَجُوزُ وَقْفُهَا؛ لأَِنَّهَا مَنْفَعَةُ وَقْفٍ، وَمَا تَعَلَّقَ الْوَقْفُ بِهِ لاَ يُوقَفُ. (١)

وَقَدْ قَال بِذَلِكَ أَحْمَدُ السَّنْهُورِيُّ وَعَلِيٌّ الأُْجْهُورِيُّ، قَال الأُْجْهُورِيُّ: مَحَل صِحَّةِ وَقْفِ الْمَنْفَعَةِ إِنْ لَمْ تَكُنْ مَنْفَعَةَ حَبْسٍ، لِتَعَلُّقِ الْحَبْسِ بِهَا، وَمَا تَعَلَّقَ بِهِ الْحَبْسُ لاَ يُحْبَسُ، وَلَوْ صَحَّ وَقْفُ مَنْفَعَةِ الْوَقْفِ لَصَحَّ وَقْفُ الْوَقْفِ، وَاللاَّزِمُ بَاطِلٌ شَرْعًا وَعَقْلاً، وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ كُل ذَاتٍ وُقِفَتْ إِنَّمَا يَتَعَلَّقُ الْوَقْفُ بِمَنْفَعَتِهَا وَأَنَّ ذَاتَهَا مَمْلُوكَةٌ لِلْوَاقِفِ. قَال: وَبِهَذَا تَعْلَمُ بُطْلاَنَ تَحْبِيسِ الْخُلُوِّ. (٢) وَوَافَقَ الأُْجْهُورِيُّ عَلَى فُتْيَاهُ هَذِهِ


(١) العدوي على الخرشي ٧ / ٧٩، والدسوقي على الشرح الكبير ٤ / ٧٦، ومطالب أولي النهى ٤ / ٣٧١.
(٢) فتاوى عليش ٢ / ٢٥١، والشبراملسي على نهاية المحتاج ٥ / ٣٥٧، وحاشية الشرواني على التحفة ٦ / ٣٧.