للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اسْتِحْقَاقَ الْبَعْضِ لاَ يُوجِبُ لِلْمُشْتَرِي خِيَارًا بَل يَلْزَمُهُ أَخْذُ الْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ، لأَِنَّهُ لاَ ضَرَرَ فِي التَّبْعِيضِ. وَهُنَاكَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ بِأَنَّ لَهُ الرَّدَّ، دَفْعًا لِضَرَرِ مُؤْنَةِ الْقِسْمَةِ. (١)

أَمَّا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، فَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ حَجَرٍ صُورَتَهَا فِي قَوْلِهِ: " إِنْسَانٌ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ أَرْضًا مُشْتَمِلَةً عَلَى نَخْلٍ، ثُمَّ تَقَايَلاَ، ثُمَّ ادَّعَى الْبَائِعُ بُطْلاَنَ الإِْقَالَةِ، وَحَكَمَ لَهُ الْحَاكِمُ الشَّرْعِيُّ بِذَلِكَ بِشَرْطِهِ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهَرَ أَنَّ مِنَ الأَْرْضِ الْمَذْكُورَةِ مَغْرَسَ نَخْلَةٍ مِنَ النَّخْل الْمَذْكُورِ مَمْلُوكًا لِغَيْرِ الْبَائِعِ حِينَ الْبَيْعِ.

فَهَل يَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي حِينَئِذٍ بِهَا، وَإِذَا قُلْتُمْ نَعَمْ، فَهَل يَمْنَعُ خِيَارَهُ بِمِلْكِ الْبَائِعِ الْمَغْرَسُ الْمَذْكُورُ وَإِعْطَائِهَا لَهُ، أَوْ إِعْطَاءِ مُسْتَحِقِّهَا إِيَّاهَا لِلْمُشْتَرِي، أَوْ لاَ؟ " وَذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَتَخَيَّرُ بِذَلِكَ، لِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ.

وَلَوْ أَرَادَ مَالِكُ الْمَغْرَسِ (غَيْرُ الْبَائِعِ) هِبَتَهُ لِلْمُشْتَرِي لاَ يَسْقُطُ بِذَلِكَ خِيَارُهُ. وَهُوَ ظَاهِرٌ، أَمَّا الْخَفِيُّ فَهُوَ مَا إِذَا مَلَكَ الْبَائِعُ ذَلِكَ الْمَغْرَسَ، وَلَمَّا عُلِمَ ثُبُوتُ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي وَهَبَهُ لَهُ - أَوْ أَعْرَض عَنْهُ - فَهَذَا يَتَرَدَّدُ فِيهِ النَّظَرُ. وَعَلَى هَذَا دَلاَلاَتٌ مِنْ نُصُوصِ الْفُقَهَاءِ (٢) .


(١) بدائع الصنائع ٥ / ٢٨٩، فتح القدير ٥ / ١٧٦.
(٢) الفتاوى الكبرى ٢ / ٢٤٢ - ٢٤٦.