للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَال فِي بَيَانِ مَذْهَبِ الإِْمَامِ: لاَ يَكُونُ الْخِيَارُ فَوْقَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ، بَلَغَنَا عَنْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُول: مَنِ اشْتَرَى شَاةً مُحَفَّلَةً (١) فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ: إِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَرَدَّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ. (٢) فَجَعَل أَبُو حَنِيفَةَ الْخِيَارَ كُلَّهُ عَلَى قَوْل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُول: (الْخِيَارُ جَائِزٌ شَهْرًا كَانَ أَوْ سَنَةً وَبِهِ نَأْخُذُ (٣)) . وَنَحْوُهُ مُسْتَنَدُ الشَّافِعِيِّ، كَمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي مَعْرِفَةِ السُّنَنِ قَال الشَّافِعِيُّ: الأَْصْل فِي الْبَيْعِ بِالْخِيَارِ أَنْ يَكُونَ فَاسِدًا، وَلَكِنْ لَمَّا شَرَطَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمُصَرَّاةِ خِيَارَ ثَلاَثٍ فِي الْبَيْعِ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ جَعَل لَحِبَّانَ بْنِ مُنْقِذٍ خِيَارَ ثَلاَثٍ فِيمَا ابْتَاعَ، انْتَهَيْنَا إِلَى مَا قَال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (٤)

كَمَا احْتَجُّوا لَهُ مِنَ الْمَعْقُول بِأَنَّ الْخِيَارَ مُنَافٍ


(١) المراد بالمحفلة، وهي المصراة وهي الشاة التي لم تحلب أيامًا، ليجتمع اللبن في ضرعها للبيع - مختار الصحاح.
(٢) حديث: " من اشترى شاة محفلة. . . " أخرجه مسلم (٣ / ١١٥٨ ط. الحلبي) من حديث أبي هريرة، بلفظ: " من اشترى شاة مصراة، فهو فيها بالخيار ثلاثة أيام، إن شاء أمسكها، وإن شاء ردها، ورد معها صاعًا من تمر ".
(٣) اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى، لأبي يوسف ١٦، جامع الفصولين ١ / ٣٢٩.
(٤) نصب الراية ٤ / ٦ نقلا عن معرفة السنن للبيهقي، ولم يدع ابن حزم فرصة التنديد بأبي حنيفة لأنه احتج بحديث المصراة في التحديد بالثلاث ثم لم يأخذ بخيار التصرية (إحكام الأحكام ٣ / ٩٩) .