للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اشْتِرَاطِ التَّسْلِيمِ، فَلَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَى الْبَائِعِ تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ ابْتِدَاءً، وَلاَ يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي تَسْلِيمُ الثَّمَنِ ابْتِدَاءً لاِحْتِمَال الْفَسْخِ مَا لَمْ تَمْضِ مُدَّةُ الْخِيَارِ، أَوْ يُسْقِطُ صَاحِبُ الْخِيَارِ خِيَارَهُ (١) .

أَمَّا التَّسْلِيمُ لِلثَّمَنِ أَوِ الْمَبِيعِ اخْتِيَارًا وَطَوَاعِيَةً فَلاَ مَانِعَ مِنْهُ عِنْدَهُمْ أَيْ لاَ يَبْطُل الْخِيَارُ (٢) ، فَإِذَا بَادَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا إِلَى تَسْلِيمِ مَا بِيَدِهِ - فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ - فَهُوَ جَائِزٌ، لأَِيٍّ مِنْهُمَا كَانَ الْخِيَارُ، وَلاَ أَثَرَ لِلتَّسْلِيمِ عَلَى الْخِيَارِ فَنَقْدُ الثَّمَنِ لِلْبَائِعِ أَوْ دَفْعُ الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي لاَ يُبْطِل الْخِيَارَ شَرِيطَةَ أَنْ يَكُونَ تَسْلِيمُ الْبَائِعِ الْمَبِيعَ لِلْمُشْتَرِي عَلَى وَجْهِ الاِخْتِبَارِ وَالنَّظَرِ فِي صُلُوحِهِ أَوْ عَدَمِهِ، أَمَّا إِنْ سَلَّمَهُ الْمَبِيعَ عَلَى وَجْهِ التَّمْلِيكِ - وَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ - فَإِنَّ خِيَارَهُ يَبْطُلُ، (٣) .

وَإِذَا سَلَّمَ أَحَدُهُمَا تَطَوُّعًا فَامْتَنَعَ الآْخَرُ فَقَدِ اخْتَلَفَ فِيهِ الْفُقَهَاءُ، فَأَبُو حَنِيفَةَ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ لاَ يُجْبَرُ الآْخَرُ عَلَى التَّسْلِيمِ أَيًّا كَانَ صَاحِبُ الْخِيَارِ وَلَهُ اسْتِرْدَادُهُ. وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ عَدَمُ إِجْبَارِ الآْخَرِ أَيْضًا وَهُمْ يَقُولُونَ: بِأَنَّ لِمَنْ سَلَّمَ


(١) فتح القدير ٥ / ٤٩٩، والهندية ٣ / ٤٢، والبحر الرائق ٦ / ١٥، والمغني ٣ / ٥١٨.
(٢) الدسوقي ٣ / ٩٤، ٩٦، والمجموع ٩ / ٢٢١ - ٢٢٣، شرح الروض ٢ / ٥٤، والبحر الرائق ٦ / ٥٤، المجموع ٩ / ٢٢٣.
(٣) فتاوى قاضيخان ٢ / ١٧٩، والبحر الرائق ٦ / ١٠، نقلا عن جامع الفصولين ١ / ٢٤٤.