للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمُشْتَرِي رَدَدْتُ أَوْ فَسَخْتُ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنَ الْعِبَارَاتِ. أَمَّا بَعْدَ الْقَبْضِ فَلاَ بُدَّ مِنَ الاِتِّفَاقِ بِأَنْ يَفْسَخَ صَاحِبُ الْخِيَارِ وَيَقْبَل الْعَاقِدُ الآْخَرُ أَوْ يَتَقَاضَيَانِ. قَال الْكَاسَانِيُّ (١) : (لأَِنَّ الْفَسْخَ يَكُونُ عَلَى حَسَبِ الْعَقْدِ لأَِنَّهُ يَرْفَعُ الْعَقْدَ، ثُمَّ الْعَقْدُ لاَ يَنْعَقِدُ بِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ فَلاَ يَنْفَسِخُ بِأَحَدِهِمَا دُونَ رِضَا الآْخَرِ. أَمَّا قَبْل الْقَبْضِ فَالصَّفْقَةُ لَمْ تَتِمَّ، فَكَانَ مِنَ السَّهْل الرَّدُّ لأَِنَّهُ كَالاِمْتِنَاعِ مِنَ الْقَبْضِ، وَهُوَ تَصَرُّفُ دَفْعٍ وَامْتِنَاعٍ وَذَلِكَ خَالِصُ حَقِّهِ) .

أَمَّا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ فَالْفَسْخُ يَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي مَهْمَا كَانَتِ الْكَيْفِيَّةُ: فِي حُضُورِ الْبَائِعِ أَوْ غَيْبَتِهِ، بِرِضَاهُ أَوْ عَدَمِهِ، وَلاَ يَفْتَقِرُ إِلَى الْحَاكِمِ (٢) وَلَكِنْ نَظَرًا لِذَهَابِ الشَّافِعِيَّةِ إِلَى أَنَّ خِيَارَ الْعَيْبِ يَثْبُتُ عَلَى الْفَوْرِ، لاَ التَّرَاخِي، وَأَنَّهُ تَجِبُ الْمُبَادَرَةُ إِلَى الْفَسْخِ وَإِلاَّ سَقَطَ، فَقَدِ احْتِيجَ إِلَى الْقِيَامِ بِبَعْضِ الإِْجْرَاءَاتِ دُونَ أَنْ تَخْتَصَّ صُورَةٌ مِنْهَا بِالْوُجُوبِ، بَل يُجْزِئُ عَنْهَا مَا يُؤَدِّي الْمُرَادَ وَهُوَ إِثْبَاتُ مُبَادَرَتِهِ لِلْفَسْخِ.

وَخُلاَصَةُ هَذِهِ الإِْجْرَاءَاتِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ إِذَا كَانَ كُلٌّ مِنَ الْخَصْمِ وَالْحَاكِمِ بِالْبَلَدِ وَجَبَ الذَّهَابُ إِلَى أَحَدِهِمَا، فَإِنْ أَخَّرَ سَقَطَ حَقُّهُ وَإِنْ فَسَخَ، وَلَكِنْ هُنَاكَ صُورَةٌ بَدِيلَةٌ عَنِ الذَّهَابِ


(١) بدائع الصنائع ٥ / ٢٨١.
(٢) تكملة المجموع ١٢ / ١٥٧.