للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الاِخْتِلاَفِ فِي وُجُوبِ الْفِدْيَةِ وَعَدَمِهَا، فَقِيل: تَجِبُ عَنْ كُل يَوْمٍ مُدٌّ مِنْ طَعَامٍ، وَقِيل: لاَ تَجِبُ (١) . وَالْحَجُّ أَيْضًا لاَ يَجِبُ أَدَاؤُهُ إِلاَّ عَلَى الْمُسْتَطِيعِ بِالْمَال وَالْبَدَنِ وَالْمَحْرَمِ أَوِ الرُّفْقَةِ الْمَأْمُونَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَرْأَةِ. فَمَنْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ فَلاَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَجُّ (٢) ؛ لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً (٣) } .

١٢ - وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْعِبَادَاتِ الْمَالِيَّةِ كَالزَّكَاةِ فَنَظَرًا لِلأَْهْلِيَّةِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ عَلَى الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ، فَعِنْدَ الْجُمْهُورِ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي مَال الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ، لأَِنَّهُ حَقٌّ يَتَعَلَّقُ بِالْمَال، وَيُؤَدِّي عَنْهُمَا وَلِيُّهُمَا، وَتُعْتَبَرُ نِيَّةُ الْوَلِيِّ فِي الإِْخْرَاجِ. وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لاَ يَجِبُ عَلَيْهِمَا الزَّكَاةُ؛ لأَِنَّ الزَّكَاةَ عِبَادَةٌ، وَهُمَا لَيْسَا مِنْ أَهْلِهَا (٤) .

وَكَذَلِكَ مَنْ عَجَزَ عَنْ أَدَاءِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنَ الْكَفَّارَةِ وَقْتَ الْوُجُوبِ، ثُمَّ تَغَيَّرَ حَالُهُ، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ. فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ: الْعِبْرَةُ بِوَقْتِ الأَْدَاءِ لاَ بِوَقْتِ الْوُجُوبِ، وَهُوَ أَحَدُ الأَْقْوَال عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، فَلَوْ كَانَ مُوسِرًا وَقْتَ الْوُجُوبِ جَازَ لَهُ الصَّوْمُ.

وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِوَقْتِ الْوُجُوبِ لاَ بِوَقْتِ الأَْدَاءِ. وَفِي قَوْلٍ آخَرَ


(١) المهذب ١ / ١٨٥ ومنتهى الإرادات ١ / ٤٤٣ ط دار الفكر، ومنح الجليل ١ / ٣٩٢، والدسوقي ١ / ٥١٦، وابن عابدين ٢ / ١٢٣ ط الثالثة.
(٢) المهذب ١ / ٢٠٣، ومنتهى الإرادات ٢ / ٢، والكافي ١ / ٣٥٦ ط مكتبة الرياض، والبدائع ٢ / ١١٨
(٣) سورة آل عمران / ٩٧
(٤) المغني ٢ / ٦٢٢، ومنح الجليل ١ / ٣٤٤، والمهذب ١ / ١٤٧، وبدائع الصنائع ٢ / ٤، ٥