للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ قِسْمَتُهَا فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَتَبَايُعُهَا فِيهَا، وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رَوَى أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ قَال: قُلْتُ لِلأَْوْزَاعِيِّ: هَل قَسَّمَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا مِنَ الْغَنَائِمِ بِالْمَدِينَةِ؟ فَقَال: لاَ أَعْلَمُهُ، إِنَّمَا كَانَ النَّاسُ يَتَّبِعُونَ غَنَائِمَهُمْ، وَيَقْسِمُونَهَا فِي أَرْضِ عَدُوِّهِمْ، وَلَمْ يَغْفُل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ غَزَاةٍ قَطُّ أَصَابَ فِيهَا غُنَيْمَةً إِلاَّ خَمَّسَهَا وَقَسَّمَهَا مِنْ قَبْل أَنْ يَغْفُل، مِنْ ذَلِكَ غُزَاةُ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، وَهَوَازِنَ، وَخَيْبَرَ، وَلأَِنَّ الْمِلْكَ يَثْبُتُ فِيهَا بِالْقَهْرِ وَالاِسْتِيلاَءِ فَصَحَّتْ قِسْمَتُهُ، وَلأَِنَّ قِسْمَةَ أَمْوَالِهِمْ فِي دَارِهِمْ أَنْكَى لَهُمْ، وَأَطْيَبُ لِقُلُوبِ الْمُجَاهِدِينَ، وَأَحْفَظُ لِلْغَنِيمَةِ، وَأَرْفَقُ بِهِمْ فِي التَّصَرُّفِ (١) .

وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: الْقِسْمَةُ نَوْعَانِ:

١ - قِسْمَةُ حَمْلٍ وَنَقْلٍ.

٢ - وَقِسْمَةُ مِلْكٍ.

أَمَّا قِسْمَةُ الْحَمْل، فَهِيَ إِنْ عَزَّتِ الدَّوَابُّ، وَلَمْ يَجِدِ الإِْمَامُ حَمُولَةً يُفَرِّقُ الْغَنَائِمَ عَلَى الْغُزَاةِ فَيَحْمِل كُل رَجُلٍ عَلَى قَدْرِ نَصِيبِهِ إِلَى دَارِ الإِْسْلاَمِ، ثُمَّ يَسْتَرِدُّهَا مِنْهُمْ، فَيَقْسِمُهَا قِسْمَةَ مِلْكٍ.

أَمَّا قِسْمَةُ الْمِلْكِ فَلاَ تَجُوزُ فِي دَارِ الْحَرْبِ حَتَّى


(١) المغني ٨ / ٤٢٢، كشاف القناع ٣ / ٨٢، الإنصاف ٤ / ١٦٢، الخرشي ٣ / ١٣٦، نهاية المحتاج ٨ / ٧٦، مغني المحتاج ٤ / ٢٣٤.