للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَمْوَالَهُمْ لَمَلَكَتِ الأَْنْصَارِيَّةُ النَّاقَةَ. لأَِنَّهَا تَكُونُ أَخَذَتْ مَالاً غَيْرَ مَعْصُومٍ فِي دَارِ حَرْبٍ وَأَحْرَزُوهُ بِدَارِهِمْ، وَلَكِنَّ الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ أَنَّهَا نَذَرَتْ فِيمَا لاَ تَمْلِكُ وَأَخَذَ نَاقَتَهُ، وَبِهِ قَال أَبُو الْخَطَّابِ مِنَ الْحَنَابِلَةِ، قَال: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلاَمِ أَحْمَدَ (١) .

وَقَال الْحَنَفِيَّةُ، وَالْقَاضِي أَبُو يَعْلَى مِنَ الْحَنَابِلَةِ: إِنَّ أَهْل دَارِ الْحَرْبِ إِذَا دَخَلُوا دَارَ الإِْسْلاَمِ وَاسْتَوْلَوْا عَلَى أَمْوَال الْمُسْلِمِينَ وَلَمْ يُحْرِزُوهَا بِدَارِهِمْ لاَ يَمْلِكُونَهَا، أَمَّا إِذَا أَحْرَزُوهَا بِدَارِهِمْ فَإِنَّهُمْ يَمْلِكُونَهَا. وَقَالُوا: لأَِنَّ مِلْكَ الْمُسْلِمِ يَزُول بِالإِْحْرَازِ بِدَارِ الْحَرْبِ، فَتَزُول الْعِصْمَةُ، فَكَأَنَّهُمُ اسْتَوْلَوْا عَلَى مَالٍ مُبَاحٍ غَيْرِ مَمْلُوكٍ، لأَِنَّ الْمِلْكَ هُوَ: الاِخْتِصَاصُ بِالْمَحَل فِي حَقِّ التَّصَرُّفِ، أَوْ شُرِعَ لِلتَّمَكُّنِ مِنَ التَّصَرُّفِ فِي الْمَحَل، وَقَدْ زَال بِالإِْحْرَازِ بِالدَّارِ. فَإِذَا زَال مَعْنَى الْمِلْكِ أَوْ مَا شُرِعَ لَهُ الْمِلْكُ، يَزُول الْمِلْكُ ضَرُورَةً (٢) .

وَقَال الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي قَوْلٍ: يَمْلِكُونَهَا بِالاِسْتِيلاَءِ فِي دَارِ الإِْسْلاَمِ. وَقَالُوا: لأَِنَّ الْقَهْرَ سَبَبٌ يَمْلِكُ بِهِ الْمُسْلِمُ مَال الْكَافِرِ، فَمَلَكَ بِهِ الْكَافِرُ مَال الْمُسْلِمِ كَالْبَيْعِ، وَلأَِنَّ الاِسْتِيلاَءَ سَبَبُ الْمِلْكِ فَيَثْبُتُ قَبْل الْحِيَازَةِ إِلَى الدَّارِ، كَاسْتِيلاَءِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى مَال الْكُفَّارِ، وَلأَِنَّ مَا كَانَ سَبَبًا


(١) المصدر السابق، المغني ٨ / ٤٣٤.
(٢) بدائع الصنائع ٧ / ٢٢٧ - ٢٢٨، المبسوط م ٥ ج ١٠ / ٥٢.