للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْخِنْزِيرِ، وَضَرْبِ النَّاقُوسِ، وَلاَ يُمْنَعُونَ إِلاَّ مِمَّا يَتَضَرَّرُ بِهِ الْمُسْلِمُونَ كَإِيوَاءِ جَاسُوسٍ، وَنَقْل أَخْبَارِ الْمُسْلِمِينَ إِلَى الأَْعْدَاءِ، وَسَائِرِ مَا يَتَضَرَّرُ بِهِ الْمُسْلِمُونَ. وَيَجِبُ عَلَى الإِْمَامِ أَنْ يَمْنَعَ الْمُسْلِمِينَ وَالذِّمِّيِّينَ مِنَ التَّعَرُّضِ لَهُمْ (١) .

وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: إِذَا عُقِدَ الْعَهْدُ مَعَ الْكُفَّارِ عَلَى أَنْ تُجْرَى فِي دَارِهِمْ أَحْكَامُ الإِْسْلاَمِ صَارَتْ دَارُهُمْ بِالصُّلْحِ دَارَ إِسْلاَمٍ، وَصَارُوا أَهْل ذِمَّةٍ تُؤْخَذُ جِزْيَةُ رِقَابِهِمْ، وَإِذَا طَلَبَ قَوْمٌ مِنْ أَهْل الْحَرْبِ الْمُوَادَعَةَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ سِنِينَ مَعْلُومَةً عَلَى أَنْ يُؤَدُّوا الْخَرَاجَ لِلْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنْ لاَ تَجْرِيَ أَحْكَامُ الإِْسْلاَمِ عَلَيْهِمْ فِي دَارِهِمْ لَمْ يُقْبَل مِنْهُمْ، إِلاَّ أَنْ تَكُونَ فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ، فَإِذَا رَأَى الإِْمَامُ مَصْلَحَةً فِي عَقْدِ الْعَهْدِ مَعَهُمْ بِهَذَا الشَّرْطِ جَازَ بِشَرْطِ الضَّرُورَةِ، وَهِيَ ضَرُورَةُ الاِسْتِعْدَادِ لِلْقِتَال بِأَنْ كَانَ بِالْمُسْلِمِينَ ضَعْفٌ وَبِالْكَفَرَةِ قُوَّةُ الْمُجَاوَزَةِ إِلَى قَوْمٍ آخَرِينَ، فَلاَ تَجُوزُ عِنْدَ عَدَمِ الضَّرُورَةِ، لأَِنَّ الْمُوَادَعَةَ تَرْكُ الْقِتَال الْمَفْرُوضِ، فَلاَ يَجُوزُ إِلاَّ فِي حَالٍ يَقَعُ وَسِيلَةً إِلَى الْقِتَال، لأَِنَّهَا حِينَئِذٍ تَكُونُ قِتَالاً مَعْنًى، قَال اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {فَلاَ تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الأَْعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ} (٢) وَعِنْدَ تَحَقُّقِ الضَّرُورَةِ لاَ بَأْسَ بِهِ، لِقَوْل اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَإِنْ جَنَحُوا


(١) المصادر السابقة، ومغني المحتاج ٤ / ٢٥٤.
(٢) سورة محمد / ٣٥.