للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَاسْتَدَلُّوا بِالْمَعْقُول أَيْضًا، وَهُوَ أَنَّ الدَّبْغَ يُزِيل سَبَبَ النَّجَاسَةِ وَهُوَ الرُّطُوبَةُ وَالدَّمُ، فَصَارَ الدَّبْغُ لِلْجِلْدِ كَالْغَسْل لِلثَّوْبِ، وَلأَِنَّ الدِّبَاغَ يَحْفَظُ الصِّحَّةَ لِلْجِلْدِ وَيُصْلِحُهُ لِلاِنْتِفَاعِ بِهِ كَالْحَيَاةِ، ثُمَّ الْحَيَاةُ تَدْفَعُ النَّجَاسَةَ عَنِ الْجُلُودِ فَكَذَلِكَ الدِّبَاغُ (١) .

أَمَّا اسْتِثْنَاءُ جِلْدِ الْخِنْزِيرِ فَلأَِنَّهُ نَجِسُ الْعَيْنِ، أَيْ أَنَّ ذَاتَهُ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهَا نَجِسَةٌ حَيًّا وَمَيِّتًا، فَلَيْسَتْ نَجَاسَتُهُ لِمَا فِيهِ مِنَ الدَّمِ أَوِ الرُّطُوبَةِ كَنَجَاسَةِ غَيْرِهِ مِنْ مَيْتَةِ الْحَيَوَانَاتِ، فَلِذَا لَمْ يَقْبَل التَّطْهِيرَ (٢) .

وَاسْتَدَل الشَّافِعِيَّةُ لاِسْتِثْنَاءِ الْكَلْبِ بِأَنَّهُ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: طَهُورُ إِنَاءِ أَحَدِكُمْ إِذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أُولاَهُنَّ بِالتُّرَابِ. (٣)

وَالطَّهَارَةُ تَكُونُ لِحَدَثٍ أَوْ خَبَثٍ، وَلاَ حَدَثَ عَلَى الإِْنَاءِ فَتَعَيَّنَ أَنَّ الْوُلُوغَ سَبَبٌ لِلْخَبَثِ بِسَبَبِ نَجَاسَةِ فَمِ الْكَلْبِ، فَبَقِيَّةُ أَجْزَاءِ الْكَلْبِ


(١) ابن عابدين ١ / ١٣٦، والبدائع ١ / ٨٥، والبناية ١ / ٢٣٦، ٣٦٢، والمجموع ١ / ٢١٦ وما بعدها، ومغني المحتاج ١ / ٧٨، وكشاف القناع ١ / ٥٤، والمغني ١ / ٦٧.
(٢) روي عن أبي يوسف وسحنون من المالكية طهارة جلد الخنزير أيضًا بالدباغ (ابن عابدين ١ / ١٣٦، والدسوقي ١ / ٥٤، والمجموع ١ / ٢١٤) .
(٣) حديث: " طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب. . . . " أخرجه مسلم (١ / ٢٣٤ - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة.