للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَجَابَ الْمَالِكِيَّةُ عَنِ الأَْحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي طَهَارَةِ الْجِلْدِ بِالدِّبَاغِ بِأَنَّهَا مَحْمُولَةٌ عَلَى الطَّهَارَةِ اللُّغَوِيَّةِ أَيِ النَّظَافَةِ، وَلِذَا جَازَ الاِنْتِفَاعُ بِهِ فِي حَالاَتٍ خَاصَّةٍ كَمَا سَيَأْتِي.

وَرُوِيَ عَنْ سَحْنُونَ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ قَوْلُهُمَا: بِطَهَارَةِ جِلْدِ جَمِيعِ الْحَيَوَانَاتِ بِالدِّبَاغَةِ حَتَّى الْخِنْزِيرِ (١) .

١١ - وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ يَطْهُرُ بِالدِّبَاغَةِ جِلْدُ مَيْتَةِ مَا كَانَ طَاهِرًا فِي الْحَيَاةِ، مِنْ إِبِلٍ وَبَقَرٍ وَظِبَاءٍ وَنَحْوِهَا، وَلَوْ كَانَ غَيْرَ مَأْكُول اللَّحْمِ، لِعُمُومِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّمَا إِهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ (٢) فَيَتَنَاوَل الْمَأْكُول وَغَيْرَهُ، وَخَرَجَ مِنْهُ مَا كَانَ نَجِسًا فِي حَال الْحَيَاةِ لِكَوْنِ الدَّبْغِ إِنَّمَا يُؤَثِّرُ فِي دَفْعِ نَجَاسَةٍ حَادِثَةٍ بِالْمَوْتِ فَيَبْقَى مَا عَدَاهُ عَلَى قَضِيَّةِ الْعُمُومِ.

كَمَا رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ قَوْلُهُ: بِطَهَارَةِ جُلُودِ مَيْتَةِ مَأْكُول اللَّحْمِ فَقَطْ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ذَكَاةُ الأَْدِيمِ دِبَاغُهُ (٣) وَالذَّكَاةُ إِنَّمَا تَعْمَل فِيمَا يُؤْكَل لَحْمُهُ،


(١) الدسوقي مع الشرح الكبير ١ / ٥٤، والمحلى ٩ / ٣٢ م ١٥٤٩، والمغني ١ / ٦٦، ٦٧، وكشاف القناع ١ / ٥٤.
(٢) تقدم تخريج الحديث ف / ٥.
(٣) حديث: " ذكاة الأديم دباغه ". أخرجه أحمد (٣ / ٤٧٦ - ط الميمنية) من حديث سلمة بن المحبق، وفي إسناده جهالة، ولكن له شاهد من حديث عائشة أخرجه النسائي (٧ / ١٧٤ - ط المكتبة التجارية) وإسناده صحيح.