للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي الْعَهْدِ الَّذِي تَمَّ فِيهِ هَذَا التَّحْدِيدُ، فَقِيل إِنَّ ذَلِكَ تَمَّ فِي عَهْدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، وَقِيل إِنَّ ذَلِكَ تَمَّ فِي عَهْدِ بَنِي أُمَيَّةَ، وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ تَمَّ فِي عَهْدِ عُمَرَ أَمْ فِي عَهْدِ بَنِي أُمَيَّةَ فَإِنَّ الدِّرْهَمَ الشَّرْعِيَّ الَّذِي اسْتَقَرَّ الأَْمْرُ عَلَيْهِ هُوَ الَّذِي ضُرِبَ فِي عَهْدِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَكَانَ هُوَ أَسَاسَ التَّقَادِيرِ الشَّرْعِيَّةِ.

لَكِنَّ الْفُقَهَاءَ وَالْمُؤَرِّخِينَ أَثْبَتُوا أَنَّ الدِّرْهَمَ الشَّرْعِيَّ لَمْ يَبْقَ عَلَى الْوَضْعِ الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الإِْجْمَاعُ فِي عَهْدِ عَبْدِ الْمَلِكِ، بَل أَصَابَهُ تَغْيِيرٌ كَبِيرٌ فِي الْوَزْنِ وَالْعِيَارِ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ، وَصَارَ أَهْل كُل بَلَدٍ يَسْتَخْرِجُونَ الْحُقُوقَ الشَّرْعِيَّةَ مِنْ نَقْدِهِمْ بِمَعْرِفَةِ النِّسْبَةِ الَّتِي بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَقَادِيرِهَا الشَّرْعِيَّةِ إِلَى أَنْ قِيل: يُفْتَى فِي كُل بَلَدٍ بِوَزْنِهِمْ (١) .

وَنَشَأَ مِنْ ذَلِكَ اضْطِرَابٌ فِي مَعْرِفَةِ الأَْنْصِبَةِ، وَهَل تُقَدَّرُ بِالْوَزْنِ أَوْ بِالْعَدَدِ؟ وَأَصْبَحَ الْوُصُول


(١) فتوح البلدان للبلاذري / ٤٥١ إلى ٤٥٤، وهامش الأحكام السلطانية لأبي يعلى ١٧٥ - ١٧٨ والأحكام السلطانية للماوردي / ١٥٣ - ١٥٤، ومقدمة ابن خلدون / ١٨٣ - ١٨٤، والأموال لأبي عبيد / ٦٢٩ - ٦٣٠، وحاشية ابن عابدين ٢ / ٢٨ - ٣٠، وبدائع الصنائع ٢ / ١٦، والأبيّ شرح صحيح مسلم ٣ / ١٠٩، والمجموع ٥ / ٤٧٤ - ٤٧٦ تحقيق المطيعي، ومغني المحتاج ١ / ٣٨٩، ونهاية المحتاج ٣ / ٨٤، والمغني ٣ / ٤ ط الرياض.