للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حَكَّمُوهُ بَيْنَهُمْ: أَيْ فَوَّضُوهُ أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمْ،

وَيُقَال: حَكَّمْنَا فُلاَنًا فِيمَا بَيْنَنَا أَيْ أَجَزْنَا حُكْمَهُ بَيْنَنَا.

وَفِي اصْطِلاَحِ الْفُقَهَاءِ هُوَ: تَوْلِيَةُ الْخَصْمَيْنِ حَاكِمًا يَحْكُمُ بَيْنَهُمَا. (١)

وَعَلَى هَذَا يَشْتَرِكُ التَّحْكِيمُ وَالدَّعْوَى فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَتَضَمَّنُ طَلَبَ الْفَصْل فِي الْخُصُومَةِ، وَيَخْتَلِفَانِ مِنْ حَيْثُ الْحَقِيقَةُ، وَالأَْثَرُ، وَالْمَحَل:

فَالتَّحْكِيمُ فِي حَقِيقَتِهِ عَقْدٌ مَبْنَاهُ عَلَى اتِّفَاقِ إِرَادَتَيْنِ، حَيْثُ يَكُونُ بِتَرَاضِي الْخُصُومِ عَلَى اخْتِيَارِ مَنْ يَحْكُمُ بَيْنَهُمَا، وَلاَ يَصِحُّ بِإِرَادَةِ أَحَدِهِمَا دُونَ الآْخَرِ. (٢) أَمَّا الدَّعْوَى فَهِيَ تَصَرُّفٌ قَوْلِيٌّ يَقُومُ بِهِ الْمُدَّعِي بِإِرَادَتِهِ الْمُنْفَرِدَةِ.

وَلِلتَّحْكِيمِ أَثَرٌ إِنْشَائِيٌّ، حَيْثُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ إِنْشَاءُ وِلاَيَةٍ خَاصَّةٍ لِلْمُحَكَّمِ لَمْ تَكُنْ لَهُ قَبْل التَّحْكِيمِ، أَمَّا الدَّعْوَى فَلَيْسَ لَهَا مِثْل هَذَا الأَْثَرِ، إِذْ تُرْفَعُ إِلَى الْقَاضِي الَّذِي يَسْتَمِدُّ وِلاَيَتَهُ مِنْ عَقْدِ التَّوْلِيَةِ.

وَالتَّحْكِيمُ يَجُوزُ فِي الأَْمْوَال بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ، وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِهِ فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ. (٣)


(١) البحر الرائق ٧ / ٢٤ طبع دار الكتب العربية الكبرى بمصر.
(٢) فتح القدير ٥ / ٥٠٠ طبعة بولاق ١٣١٨ هـ، أدب القضاء لابن أبي الدم ص ١٣٩ طبع دمشق ١٩٧٥ م
(٣) روضة القضاة ص ٨٠ طبع بغداد ١٩٧٠ م، تبصرة الحكام ١ / ٥٥، أدب القضاء ص ١٣٨طبع دمشق، الإنصاف ١١ / ١٩٨ - مطبعة السنة المحمدية ١٩٥٨م.