للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَنَفْيٌ لِلْمِلْكِ عَنْ نَفْسِهِ، وَدَعْوَاهُ الثَّانِيَةُ إِيجَابُ الْمِلْكِ لِنَفْسِهِ وَنَفْيُهُ عَنْ غَيْرِهِ، فَتَنَاقَضَ النَّافِي وَالْمُثْبِتُ، فَلاَ بُدَّ مِنَ التَّوْفِيقِ الْفِعْلِيِّ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، لِظُهُورِ التَّنَاقُضِ وَخَفَاءِ التَّوْفِيقِ.

بِخِلاَفِ مَا لَوْ ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى آخَرَ مَبْلَغًا مِنَ ذ٠ الْمَال، فَدَفَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّهُ أَدَّاهُ لَهُ فِي مَكَانِ كَذَا، فَلَمَّا لَمْ يَسْتَطِعْ إِثْبَاتَ ذَلِكَ دَفَعَ بِأَنَّهُ أَدَّاهُ الدَّيْنَ فِي مَكَانٍ آخَرَ غَيْرِ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي الدَّفْعِ الأَْوَّل، فَيُقْبَل دَفْعُهُ الثَّانِي، لإِِمْكَانِ التَّوْفِيقِ بِأَنْ يَكُونَ أَدَّاهُ مَرَّتَيْنِ لِقَطْعِ مُطَالَبَتِهِ. (١)

٣٤ - ج - وَيُشْتَرَطُ لِتَحَقُّقِ التَّنَاقُضِ الْمَانِعِ مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى أَنْ لاَ يَكُونَ الْكَلاَمُ الأَْوَّل قَدْ كُذِّبَ شَرْعًا بِالْقَضَاءِ، (٢) فَلَوِ ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى آخَرَ أَنَّهُ كَفَل لَهُ عَنْ مَدْيُونِهِ بِأَلْفٍ، فَأَنْكَرَ الْكَفَالَةَ، وَبَرْهَنَ الدَّائِنُ أَنَّهُ كَفَل عَنْ مَدْيُونِهِ، وَحَكَمَ بِهِ الْقَاضِي، وَأَخَذَ الْمَكْفُول لَهُ مِنْهُ الْمَال، ثُمَّ إِنَّ الْكَفِيل ادَّعَى عَلَى الْمَدْيُونِ أَنَّهُ كَفَل عَنْهُ بِأَمْرِهِ وَبَرْهَنَ عَلَى ذَلِكَ، قُبِلَتْ هَذِهِ الدَّعْوَى وَسُمِعَتِ الْبَيِّنَةُ، وَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الدَّعْوَى مُنَاقِضَةً لِمَا سَبَقَ مِنْهُ مِنْ إِنْكَارِ الْكَفَالَةِ عِنْدَمَا ادَّعَاهَا عَلَيْهِ الدَّائِنُ، وَذَلِكَ لأَِنَّ إِنْكَارَهُ السَّابِقَ


(١) جامع الفصولين ١ / ١٤٦
(٢) الفواكه البدرية ص ٩٩، الدر المختار وتكملة حاشية ابن عابدين ٧ / ١٨، جامع الفصولين ١ / ١٤٠