للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنْ دَارٍ، وَصَدَّقَ الْوَرَثَةُ أَنَّ بَقِيَّةَ الدَّارِ لِفُلاَنٍ وَفُلاَنٍ، ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ مُوَرِّثَهُمُ الْمَذْكُورَ اشْتَرَى بَقِيَّةَ الدَّارِ مِنْ وَرَثَةِ فُلاَنٍ وَفُلاَنٍ فِي حَال صِغَرِ الْمُصَدِّقِينَ، وَأَنَّهُ خَفِيَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ، تُسْمَعُ دَعْوَاهُمْ، لأَِنَّ هَذَا تَنَاقُضٌ فِي مَحَل الْخَفَاءِ فَيَكُونُ عَفْوًا.

وَمِنْ ذَلِكَ دَعْوَى النَّسَبِ أَوِ الطَّلاَقِ، لأَِنَّ النَّسَبَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَمْرٍ خَفِيٍّ وَهُوَ الْعُلُوقُ، إِذْ هُوَ مِمَّا يَغْلِبُ خَفَاؤُهُ عَلَى النَّاسِ، فَالتَّنَاقُضُ فِي مِثْلِهِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ، وَالطَّلاَقُ يَنْفَرِدُ بِهِ الزَّوْجُ.

وَمِنْ ذَلِكَ: الْمَدِينُ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ لَوْ بَرْهَنَ عَلَى إِبْرَاءِ الدَّائِنِ لَهُ. وَالْمُخْتَلِعَةُ بَعْدَ أَدَاءِ بَدَل الْخُلْعِ لَوْ بَرْهَنَتْ عَلَى طَلاَقِ الزَّوْجِ قَبْل الْخُلْعِ. (١) وَغَيْرُ ذَلِكَ. وَهَكَذَا كُل مَا كَانَ مَبْنِيًّا عَلَى الْخَفَاءِ فَإِنَّهُ يُعْفَى فِيهِ عَنِ التَّنَاقُضِ.

هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ كَمَا أَفْتَى فِي الْحَامِدِيَّةِ، وَهُوَ قَوْل الأَْكْثَرِينَ مِنْ فُقَهَاءِ مَذْهَبِ الْمَالِكِيَّةِ، فَقَدْ نَقَل الْحَطَّابُ عَنِ الْقَرَافِيِّ أَنَّهُ: إِذَا أَقَرَّ الْوَارِثُ أَنَّ مَا تَرَكَهُ أَبُوهُ مِيرَاثٌ بَيْنَ الْوَرَثَةِ عَلَى مَا عُهِدَ فِي الشَّرِيعَةِ وَعَلَى مَا تُحْمَل عَلَيْهِ الدِّيَانَةُ، ثُمَّ جَاءَ بِشُهُودٍ أَخْبَرُوهُ أَنَّ أَبَاهُ أَشْهَدَهُمْ أَنَّهُ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ فِي صِغَرِهِ بِهَذِهِ الدَّارِ


(١) مجلة الأحكام وشرحها للأتاسي ٥ / ١٤٤ - ١٤٥، ودرر الحكام ٤ / ٢٢٨، وتنقيح الفتاوى الحامدية ٢ / ٢٩ - ٣٠ و ١٧٥، والزيلعي وهامشه ٤ / ٩٩ - ١٠٠، والبدائع ٦ / ٢٢٤