للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ثُمَّ قَال: وَلاَ يَخْفَى أَنَّ شَاهِدَ الْحِسْبَةِ لاَ بُدَّ أَنْ يَدَّعِيَ مَا يَشْهَدُ بِهِ إِنْ لَمْ يُوجَدْ مُدَّعٍ آخَرُ. وَعَلَى هَذَا فَكُل مَا تُعْتَبَرُ فِيهِ الشَّهَادَةُ حِسْبَةً يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ تُقْبَل فِيهِ الدَّعْوَى حِسْبَةً.

ثُمَّ عَلَّقَ عَلَى كَلاَمِ الدُّرِّ نَقْلاً عَنِ الأَْشْبَاهِ: وَلَيْسَ لَنَا مُدَّعٍ حِسْبَةً إِلاَّ فِي دَعْوَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، فَقَال: مُرَادُهُ أَنَّهُ لاَ يُسَمَّى مُدَّعِيًا، أَوْ أَنَّ مُدَّعِيَ الْحِسْبَةَ لاَ يَحْلِفُ لَهُ الْخَصْمُ عِنْدَ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ، فَلاَ يَتَحَقَّقُ بِدُونِ الشَّهَادَةِ. (١)

وَذَكَرَ الْمَالِكِيَّةُ فِي بَحْثِ الشَّهَادَةِ (٢) أَنَّهُ تَجِبُ الْمُبَادَرَةُ فِي حَقِّ اللَّهِ بِالرَّفْعِ لِلْحَاكِمِ بِقَدْرِ الإِْمْكَانِ إِنِ اسْتُدِيمَ ارْتِكَابُ التَّحْرِيمِ عِنْدَ عَدَمِ الرَّفْعِ، كَعِتْقٍ لِرَقِيقٍ، مَعَ كَوْنِ السَّيِّدِ يَتَصَرَّفُ فِيهِ تَصَرُّفَ الْمَالِكِ مِنِ اسْتِخْدَامٍ وَبَيْعٍ وَوَطْءٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَكَطَلاَقٍ لِزَوْجَةٍ مَعَ كَوْنِ الْمُطَلِّقِ لَمْ يَنْكَفَّ عَنْهَا فَتَجِبُ الْمُبَادَرَةُ بِالرَّفْعِ، وَكَوَقْفٍ عَلَى مُعَيَّنٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَلاَ سِيَّمَا إِذَا كَانَ مَسْجِدًا أَوْ رِبَاطًا أَوْ مَدْرَسَةً، وَوَاضِعُ الْيَدِ يَتَصَرَّفُ تَصَرُّفَ الْمُلاَّكِ، فَتَجِبُ الْمُبَادَرَةُ بِالرَّفْعِ لِرَدِّهِ إِلَى أَصْلِهِ. وَكَرَضَاعٍ بَيْنَ زَوْجَيْنِ. وَإِنْ لَمْ يَسْتَلْزِمِ ارْتِكَابَ التَّحْرِيمِ بِأَنْ كَانَ التَّحْرِيمُ يَنْقَضِي بِالْفَرَاغِ مِنْ مُتَعَلَّقِهِ كَالزِّنَى وَشُرْبِ الْخَمْرِ، خُيِّرَ فِي الرَّفْعِ وَعَدَمِهِ، وَالتَّرْكُ أَوْلَى لِمَا فِيهِ مِنَ السَّتْرِ الْمَطْلُوبِ فِي غَيْرِ


(١) حاشية ابن عابدين ٣ / ٤٠٢ - ٤٠٣ بتصرف يسير.
(٢) الشرح الصغير للدردير ٤ / ٢٤٧ - ٢٤٩