للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَبْدِ السَّلاَمِ عَنِ الشَّافِعِيِّ الْقَوْل بِقَبُول الدَّعْوَى فِي الْمِثَال الأَْخِيرِ، مَعَ مُخَالَفَةِ بَعْضِ أَصْحَابِهِ لَهُ فِي هَذَا الْقَوْل.

وَاسْتَدَل الْفُقَهَاءُ عَلَى وُجُوبِ كَوْنِ الْمُدَّعَى بِهِ مُحْتَمَلاً فِي الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِاعْتِبَارِ الْعُرْفِ فِي قَوْله تَعَالَى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} .

وَمِمَّا وَرَدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ أَنَّهُ قَال: " مَا رَأَى الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ، وَمَا رَأَوْا سَيِّئًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ سَيِّئٌ (١) فَفِي هَذَا دَعْوَةٌ إِلَى وُجُوبِ اعْتِبَارِ الْعُرْفِ السَّائِدِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ لأَِنَّهُمْ لاَ يَتَّفِقُونَ إِلاَّ عَلَى مَا يَرْضَاهُ اللَّهُ تَعَالَى.

وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ سَمَاعَ الدَّعْوَى إِذَا كَانَتْ بَيْنَ طَرَفَيْنِ لَمْ يَجْرِ بَيْنَهُمَا تَعَامُلٌ وَلاَ خِلْطَةٌ، فَإِنْ أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ حُكِمَ لَهُ بِمَا ادَّعَى، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْبَيِّنَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَحْلِيفُ خَصْمِهِ، فَالتَّعَامُل وَالْخِلْطَةُ شَرْطٌ عِنْدَهُمْ فِي تَوْجِيهِ الْيَمِينِ عَلَى الْخَصْمِ عِنْدَ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ، وَذَلِكَ عَلَى قَوْل مَالِكٍ وَعَامَّةِ أَصْحَابِهِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنَ الْمَذْهَبِ، وَهُوَ قَوْل ابْنِ الْقَيِّمِ مِنَ الْحَنَابِلَةِ.

لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي مَذْهَبِ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ لاَ يُشْتَرَطُ


(١) حديث: " ما رأى المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن، وما رأوه سيئًا فهو عند الله سيء. . . " أخرجه أحمد في المسند (١ / ٣٧٩ - ط الميمنية) وحسنه السخاوي في المقاصد الحسنة (ص ٣٦٧ - ط الخانجي) .