للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خَصْمِهِ، فَيُفْهَمُ مِنْ هَذَا الدَّفْعِ أَنَّهُ مُقِرٌّ بِأَصْل الدَّعْوَى، وَذَلِكَ كَأَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ مَالاً، فَيَقُول فِي الْجَوَابِ: لَقَدْ أَبْرَأَنِيَ الْمُدَّعِي عَنْ هَذَا الْمَال، فَيَكُونَ هَذَا الدَّفْعُ مُتَضَمِّنًا لِلإِْقْرَارِ بِالْمُدَّعِي. (١) وَلِلإِْقْرَارِ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِهِ.

٦٤ - ٢ - أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ إِنْكَارًا لِلْحَقِّ الْمُدَّعَى: وَالإِْنْكَارُ قَدْ يَكُونُ كُلِّيًّا فَيَسْرِي حُكْمُهُ عَلَى جَمِيعِ الْمُدَّعَى بِهِ، وَقَدْ يَكُونُ جُزْئِيًّا، فَيَسْرِي حُكْمُهُ عَلَى الْجُزْءِ الْمُنْكَرِ.

وَيُشْتَرَطُ فِي الإِْنْكَارِ أَنْ يَكُونَ صَرِيحًا وَبِصِيغَةِ الْجَزْمِ، فَلاَ يَصِحُّ قَوْل الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: (مَا أَظُنُّ لَهُ عِنْدِي شَيْئًا) . (٢) وَيَسْتَلْزِمُ هَذَا الشَّرْطُ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَتَنَاوَل الإِْنْكَارُ الْحَقَّ الَّذِي تَقْتَضِيهِ الدَّعْوَى، فَلاَ يَصِحُّ إِذَا كَانَ يَتَنَاوَل حَقًّا آخَرَ لَمْ تَقْتَضِهِ الدَّعْوَى، فَفِي جَوَابِ دَعْوَى الْوَدِيعَةِ مَثَلاً يُقْبَل مِنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَقُول: (لَمْ تُودِعْنِي، أَوْ لاَ تَسْتَحِقُّ عَلَيَّ شَيْئًا) ، فَلَوْ قَال: (لاَ يَلْزَمُنِي دَفْعُ شَيْءٍ أَوْ تَسْلِيمُ شَيْءٍ إِلَيْكَ) ، لَمْ يَكُنْ هَذَا إِنْكَارًا لِلدَّعْوَى، لأَِنَّهُ لاَ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ التَّخْلِيَةُ بَيْنَ الْمُودِعِ الْوَدِيعَةِ، فَهُوَ قَدْ نَفَى حَقًّا لَمْ يَدَّعِهِ عَلَيْهِ الْمُدَّعِي، فَلاَ يُعْتَبَرُ إِنْكَارًا لِدَعْوَى الْوَدِيعَةِ. (٣)


(١) أدب القضاء لابن أبي الدم ق ٢٨ ب.
(٢) لب اللباب ص ٢٥٦، معين الحكام ص ٦٤
(٣) تحفة المحتاج ١٠ / ٣٠٥