للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَمَا قَال تَعَالَى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} . (١)

قَال الْقُرْطُبِيُّ: {لِتُخْرِجَ النَّاسَ} : أَيْ بِالْكِتَابِ وَهُوَ الْقُرْآنِ، أَيْ بِدُعَائِكَ إِلَيْهِ مِنْ ظُلُمَاتِ الْكُفْرِ وَالضَّلاَلَةِ إِلَى نُورِ الإِْيمَانِ وَالْعِلْمِ بِتَوْفِيقِهِ إِيَّاهُمْ وَلُطْفِهِ بِهِمْ، وَأُضِيفَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأَِنَّهُ الدَّاعِي، وَالْمُنْذِرُ الْهَادِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ. (٢)

٢ - إِنْقَاذُ الْبَشَرِيَّةِ مِنْ أَسْبَابِ الدَّمَارِ وَالْهَلاَكِ، فَإِنَّ الْبَشَرَ إِذَا سَارُوا فِي حَيَاتِهِمْ بِمُجَرَّدِ عُقُولِهِمْ وَأَهْوَائِهِمْ وَغَرَائِزِهِمْ، لاَ يَسْتَطِيعُونَ تَوَقِّي مَا يَضُرُّهُمْ، وَيُؤَدِّي بِهِمْ إِلَى الْفَسَادِ فِي الْغَالِبِ، وَالشَّرَائِعُ الإِْلَهِيَّةُ جَاءَتْ بِالتَّحْلِيل وَالتَّحْرِيمِ وَالْقَوَاعِدِ الَّتِي تَكْفُل لِمُتَّبِعِيهَا السَّعَادَةَ وَالصَّلاَحَ وَاسْتِقَامَةَ الأُْمُورِ. قَال تَعَالَى: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُول إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} (٣) أَيْ يُحْيِي دِينَكُمْ وَيُعَلِّمُكُمْ، أَوْ إِلَى مَا يُحْيِي بِهِ قُلُوبَكُمْ فَتُوَحِّدُوهُ، وَهَذَا إِحْيَاءٌ مُسْتَعَارٌ، لأَِنَّهُ مِنْ مَوْتِ الْكُفْرِ وَالْجَهْل، وَقَال مُجَاهِدٌ وَالْجُمْهُورُ: اسْتَجِيبُوا لِلطَّاعَةِ وَمَا تَضَمَّنَهُ


(١) سورة إبراهيم / ١
(٢) القرطبي ٩ / ٣٣٨، وروح المعاني ١ / ١٠٥ - ١٠٨، وتفسير ابن كثير ١ / ٦٩ - ٧١
(٣) سورة الأنفال / ٢٤