للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدَّعَوَاتِ مَنْ لَمْ يُدْعَ إِلَيْهَا، فَإِنَّ فِي هَذَا دَنَاءَةً وَمَذَلَّةً، وَلاَ يَلِيقُ ذَلِكَ بِالْمُؤْمِنِ، وَفِي الْحَدِيثِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا مَنْ دَخَل عَلَى غَيْرِ دَعْوَةٍ دَخَل سَارِقًا وَخَرَجَ مُغِيرًا الْحَدِيثَ (١) .

وَمَنْ يَفْعَل ذَلِكَ يُسَمَّى الطُّفَيْلِيَّ.

وَعَلَى هَذَا فَالتَّطَفُّل حَرَامٌ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، مَا لَمْ يَكُنْ غَيْرُ الْمَدْعُوِّ تَابِعًا لِمَدْعُوٍّ ذِي قَدْرٍ يُعْلَمُ أَنَّهُ لاَ يَحْضُرُ وَحْدَهُ عَادَةً، فَلاَ يَحْرُمُ، لأَِنَّهُ مَدْعُوٌّ حُكْمًا بِدَعْوَةِ مَتْبُوعِهِ، وَكَرِهَ أَحْمَدُ أَنْ يَتَعَمَّدَ الرَّجُل الْقَوْمَ حِينَ وَضْعِ الطَّعَامِ فَيَفْجَأَهُمْ، وَإِنْ فَجَأَهُمْ بِلاَ تَعَمُّدِ أَكَل نَصًّا، وَأَطْلَقَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ الْكَرَاهَةَ إِلاَّ مَنْ عَادَتُهُ السَّمَاحَةُ. (٢)

وَلَوْ أَنَّ أَحَدًا أَوْ جَمَاعَةً دُعُوا فَتَبِعَهُمْ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَدْعُوًّا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَنْ يَنْهَوْهُ وَلاَ أَنْ يَأْذَنُوا لَهُ، وَيَلْزَمُهُمْ إِعْلاَمُ صَاحِبِ الطَّعَامِ، لِمَا رَوَى أَبُو مَسْعُودٍ الأَْنْصَارِيُّ: أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأَْنْصَارِ دَعَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَامِسَ خَمْسَةٍ، فَلَمَّا جَاءُوا اتَّبَعَهُمْ رَجُلٌ لَمْ يُدْعَ، فَلَمَّا بَلَغَ الْبَابَ قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ هَذَا اتَّبَعَنَا، فَإِنْ شِئْتَ أَنْ تَأْذَنَ لَهُ، وَإِنْ شِئْتَ رَجَعَ. قَال. بَل آذَنُ لَهُ يَا رَسُول اللَّهِ (٣) .


(١) حديث: " من دخل على غير دعوة دخل سارقًا وخرج مغيرًا ". أخرجه أبو داود (٤ / ١٢٥ - تحقيق عزت عبيد دعاس) وأعله أبو داود لجهالة أحد رواته.
(٢) كشاف القناع ٥ / ١٧٥، والمغني ٥ / ١٧، والشرح الكبير للدردير ٢ / ٣٣٨، والآداب الشرعية ٣ / ١٨٧
(٣) حديث أبي مسعود الأنصاري: أخرجه البخاري (الفتح ٩ / ٥٥٩ - ط السلفية) ، ومسلم (٣ / ١٦٠٨ - ط الحلبي) بألفاظ متقاربة.