للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَال ابْنُ عَقِيلٍ: " لاَ تَدْعُوَنَّ أَحَدًا إِلاَّ بِأَحَبِّ أَسْمَائِهِ إِلَيْهِ " (١) وَمِنْ ذَلِكَ اسْتِعْمَال الْكُنَى فِي النِّدَاءِ كَقَوْلِكَ: يَا أَبَا فُلاَنٍ وَيَا أُمَّ فُلاَنٍ، وَذَلِكَ عِنْدَ الْعَرَبِ نَوْعٌ مِنَ التَّكْرِيمِ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكَنِّي أَصْحَابَهُ، وَقَدْ وَرَدَ أَنَّهُ كَنَّى بَعْضَ الصِّغَارِ مِنْهُمْ، كَمَا فِي حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال لأَِخِي أَنَسٍ وَكَانَ صَغِيرًا يَا أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَل النُّغَيْرُ. (٢)

٣٥ - ب - وَمِنْهَا أَنْ لاَ يَكُونَ النِّدَاءُ بِالأَْلْقَابِ الْمَكْرُوهَةِ وَالأَْسْمَاءِ الَّتِي فِيهَا تَحْقِيرٌ وَيَنْفِرُ مِنْهَا صَاحِبُهَا، لِقَوْل اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَلاَ تَنَابَزُوا بِالأَْلْقَابِ} (٣) وَفِي سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي جَبِيْرَةَ بْنِ الضَّحَّاكِ قَال: كَانَ الرَّجُل مِنَّا يَكُونُ لَهُ الاِسْمَانِ وَالثَّلاَثَةُ فَيُدْعَى بِهَا فَعَسَى أَنْ يَكْرَهَ فَنَزَلَتْ {وَلاَ تَنَابَزُوا بِالأَْلْقَابِ} . ا. هـ.

وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنِ النِّدَاءُ بِالْوَصْفِ الْمَكْرُوهِ سَبِيل التَّأْدِيبِ وَالتَّعْزِيرِ لِمَنْ يَسْتَحِقُّهُ. (٤) أَوْ عَلَى سَبِيل الاِنْتِصَارِ مِنَ الظَّالِمِ بِسَبَبِ ظُلْمِهِ، وَذَلِكَ لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {لاَ يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْل إِلاَّ مَنْ ظُلِمَ} (٥) . فَيَقُول لَهُ: يَا ظَالِمُ


(١) الآداب الشرعية لابن مفلح ٣ / ٥٩٥
(٢) حديث: " يا أبا عمير ما فعل النغير ". أخرجه البخاري (الفتح ١٠ / ٥٨٢ - ط السلفية) من حديث أنس بن مالك.
(٣) سورة الحجرات / ١١
(٤) المغني ٩ / ٤٣
(٥) سورة النساء / ١٤٨