للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَال الْحَنَفِيَّةُ كَمَا فِي الدُّرِّ وَرَدِّ الْمُحْتَارِ: لَوْ دَعَاهُ أَحَدُ أَبَوَيْهِ فِي الْفَرْضِ لاَ يُجِيبُهُ إِلاَّ أَنْ يَسْتَغِيثَ بِهِ - وَاسْتِغَاثَةُ غَيْرِ الأَْبَوَيْنِ كَذَلِكَ - وَكَانَ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى إِغَاثَتِهِ وَتَخْلِيصِهِ، فَيَجِبُ إِغَاثَتُهُ وَقَطْعُ الصَّلاَةِ، وَفِي النَّفْل إِنْ عَلِمَ الَّذِي نَادَاهُ مِنْ أَبٍ أَوْ أُمٍّ أَنَّهُ فِي الصَّلاَةِ فَدَعَاهُ لاَ يُجِيبُهُ، لأَِنَّ نِدَاءَهُ لَهُ مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهُ فِي صَلاَةٍ مَعْصِيَةٌ، وَلاَ طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ فِي صَلاَةٍ فَإِنَّهُ يُجِيبُهُ، لِمَا فِي قِصَّةِ جُرَيْجٍ الْعَابِدِ (١) . وَقَدْ تَقَدَّمَتْ.

وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ إِجَابَةَ الْوَالِدِ فِي النَّافِلَةِ أَفْضَل مِنَ التَّمَادِي فِيهَا، وَحَكَى الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَصُّ بِالأُْمِّ دُونَ الأَْبِ وَقَال بِهِ مِنَ السَّلَفِ مَكْحُولٌ (٢) .

وَقَال النَّوَوِيُّ فِي شَأْنِ حَدِيثِ قِصَّةِ جُرَيْجٍ: قَال الْعُلَمَاءُ: فِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ الصَّوَابُ فِي حَقِّهِ إِجَابَتَهَا، لأَِنَّهُ كَانَ فِي صَلاَةِ نَفْلٍ، وَالاِسْتِمْرَارُ فِيهَا تَطَوُّعٌ لاَ وَاجِبٌ، وَإِجَابَةُ الأُْمِّ وَبِرُّهَا وَاجِبٌ، وَعُقُوقُهَا حَرَامٌ (٣) .

وَقَال ابْنُ حَجَرٍ: جَوَازُ قَطْعِ الصَّلاَةِ مُطْلَقًا لإِِجَابَةِ نِدَاءِ الأُْمِّ نَفْلاً كَانَتْ أَوْ فَرْضًا وَجْهٌ فِي


(١) رد المحتار حاشية ابن عابدين على الدر ١ / ٤٧٨
(٢) فتح الباري ٦ / ٤٨٢ كتاب ٦٠، أحاديث الأنبياء باب ٤٨ قول الله (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ) .
(٣) شرح النووي على صحيح مسلم ١٦ / ١٠٥ المطبعة المصرية.