للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمَالِكِيَّةِ فِي مَسَاجِدِ الْجَمَاعَاتِ، وَهُوَ رَأْيٌ لِلشَّافِعِيَّةِ وَرِوَايَةٌ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ. كَذَلِكَ نُقِل عَنْ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَى الْكِفَايَةِ، بِنَاءً عَلَى اصْطِلاَحِهِمْ فِي الْوَاجِبِ. وَاسْتَدَل الْقَائِلُونَ بِذَلِكَ بِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ (١) ، وَالأَْمْرُ هُنَا يَقْتَضِي الْوُجُوبَ عَلَى الْكِفَايَةِ؛ وَلأَِنَّهُ مِنْ شَعَائِرِ الإِْسْلاَمِ الظَّاهِرَةِ، فَكَانَ فَرْضَ كِفَايَةٍ كَالْجِهَادِ وَقِيل: إِنَّهُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَهُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَالأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَبِهِ قَال بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ لِلْجَمَاعَةِ الَّتِي تَنْتَظِرُ آخَرِينَ لِيُشَارِكُوهُمْ فِي الصَّلاَةِ، وَفِي السَّفَرِ عَلَى الصَّحِيحِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَمُطْلَقًا فِي رِوَايَةٍ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ، وَهِيَ الَّتِي مَشَى عَلَيْهَا الْخِرَقِيُّ. وَاسْتَدَل الْقَائِلُونَ بِذَلِكَ بِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلأَْعْرَابِيِّ الْمُسِيءِ صَلاَتَهُ: افْعَل كَذَا وَكَذَا وَلَمْ يَذْكُرِ الأَْذَانَ مَعَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ الْوُضُوءَ وَاسْتِقْبَال الْقِبْلَةِ وَأَرْكَانَ الصَّلاَةِ (٢) . وَعَلَى كِلاَ الرَّأْيَيْنِ لَوْ أَنَّ قَوْمًا صَلَّوْا بِغَيْرِ أَذَانٍ صَحَّتْ صَلاَتُهُمْ وَأَثِمُوا، لِمُخَالَفَتِهِمُ السُّنَّةَ وَأَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَقِيل هُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ فِي الْجُمُعَةِ دُونَ غَيْرِهَا وَهُوَ رَأْيٌ لِلشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ؛ لأَِنَّهُ دُعَاءٌ لِلْجَمَاعَةِ، وَالْجَمَاعَةُ وَاجِبَةٌ فِي الْجُمُعَةِ، سُنَّةٌ فِي غَيْرِهَا عِنْدَ


(١) حديث: " إذا حضرت الصلاة. . " أخرجه البخاري (١ / ١٥٣ ط صبيح) واللفظ له، ومسلم من حديث مالك بن الحويرث (تلخيص الحبير ١ / ١٩٣)
(٢) حديث المسيء صلاته متفق عليه (اللؤلؤ والمرجان رقم ٢٢٤)