للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْجِنَايَةُ عَلَى طَرَفٍ أَوْ مَعْنًى لَكِنَّهَا سَرَتْ إِلَى طَرَفٍ أَوْ مَعْنًى آخَرَ فَفِي هَذِهِ الْمَسَائِل وَفُرُوعٍ أُخْرَى مِنْ نَوْعِهَا خِلاَفٌ وَتَفْصِيلٌ، بَيَانُ ضَوَابِطِهِ فِيمَا يَلِي:

٧٢ - يَقُول الْحَنَفِيَّةُ: مَنْ قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ خَطَأً ثُمَّ قَتَلَهُ عَمْدًا قَبْل أَنْ تَبْرَأَ، أَوْ قَطَعَ يَدَهُ عَمْدًا ثُمَّ قَتَلَهُ خَطَأً أَوْ قَطَعَ يَدَهُ خَطَأً فَبَرِئَتْ يَدُهُ ثُمَّ قَتَلَهُ خَطَأً، أَوْ قَطَعَ يَدَهُ عَمْدًا فَبَرَأَتْ ثُمَّ قَتَلَهُ عَمْدًا فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ بِالأَْمْرَيْنِ جَمِيعًا.

جَاءَ فِي الْهِدَايَةِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ: الأَْصْل فِيهِ أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الْجِرَاحَاتِ وَاجِبٌ مَا أَمْكَنَ تَتْمِيمًا لِلأَْوَّل لأَِنَّ الْقَتْل فِي الأَْعَمِّ يَقَعُ بِضَرَبَاتٍ مُتَعَاقِبَةٍ وَفِي اعْتِبَارِ كُل ضَرْبَةٍ بِنَفْسِهَا بَعْضُ الْحَرَجِ إِلاَّ أَنْ لاَ يُمْكِنَ الْجَمْعُ فَيُعْطَى كُل وَاحِدٍ حُكْمَ نَفْسِهِ وَقَدْ تَعَذَّرَ الْجَمْعُ فِي هَذِهِ الْفُصُول فِي الأَْوَّلَيْنِ لاِخْتِلاَفِ حُكْمِ الْفِعْلَيْنِ وَفِي الآْخَرَيْنِ لِتَخَلُّل الْبُرْءِ، وَهُوَ قَاطِعٌ لِلسِّرَايَةِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَتَخَلَّل وَقَدْ تَجَانَسَا بِأَنْ كَانَا خَطَأَيْنِ يَجْمَعُ بِالإِْجْمَاعِ لإِِمْكَانِ الْجَمْعِ وَاكْتُفِيَ بِدِيَةٍ وَاحِدَةٍ (١) .

وَقَال الْمُوصِلِيُّ الْحَنَفِيُّ: مَنْ شَجَّ رَجُلاً فَذَهَبَ عَقْلُهُ أَوْ شَعْرُ رَأْسِهِ دَخَل فِيهِ أَرْشُ الْمُوضِحَةِ؛ لأَِنَّ الْعَقْل إِذَا فَاتَ فَاتَتْ مَنْفَعَةُ جَمِيعِ الأَْعْضَاءِ فَصَارَ كَمَا إِذَا شَجَّهُ فَمَاتَ، وَأَمَّا الشَّعْرُ فَلأَِنَّ أَرْشَ الْمُوضِحَةِ يَجِبُ لِفَوَاتِ بَعْضِ الشَّعْرِ حَتَّى لَوْ نَبَتَ


(١) الهداية مع الفتح ٨ / ٢٨٢، ٢٨٣.