للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وَابْنِ أَبِي لَيْلَى وَالتَّمِيمِيِّ مِنَ الْحَنَابِلَةِ: وَهُوَ أَنَّ دُيُونَ الصِّحَّةِ تَسْتَوِي مَعَ دُيُونِ الْمَرَضِ فِي الاِسْتِيفَاءِ مِنَ التَّرِكَةِ، وَتُقْسَمُ بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ حِصَصِهِمْ (١) .

وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} (٢) . حَيْثُ لَمْ يُفَضَّل أَحَدُ الدَّيْنَيْنِ عَلَى الآْخَرِ، فَوَجَبَ أَنْ يَتَسَاوَيَا فِي الاِسْتِيفَاءِ؛ وَلأَِنَّهُمَا حَقَّانِ يَجِبُ قَضَاؤُهُمَا مِنْ رَأْسِ الْمَال لاِسْتِوَائِهِمَا فِي سَبَبِ الْوُجُوبِ وَفِي مَحَلِّهِ.

- أَمَّا السَّبَبُ: فَهُوَ الإِْقْرَارُ الصَّادِرُ عَنْ عَقْلٍ وَدِينٍ، مِنْ شَأْنِ الْعَقْل وَالدِّينِ أَنْ يَمْنَعَا مَنْ قَامَا بِهِ عَنِ الْكَذِبِ فِي الإِْخْبَارِ، إِذِ الإِْقْرَارُ إِخْبَارٌ عَنِ الْوَاجِبِ فِي ذِمَّةِ الْمُقِرِّ، وَهَذَا الْمَعْنَى لاَ يَخْتَلِفُ بَيْنَ الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ، بَل فِي حَالَةِ الْمَرَضِ يَزْدَادُ رُجْحَانُ جِهَةِ الصِّدْقِ؛ لأَِنَّ الْمَرَضَ سَبَبُ التَّوَرُّعِ عَنِ الْمَعَاصِي وَالإِْنَابَةِ عَمَّا جَرَى فِي الْمَاضِي لِكَوْنِهِ آخِرَ عَهْدِهِ بِالدُّنْيَا، وَأَوَّل عَهْدِهِ بِالآْخِرَةِ،


(١) نهاية المحتاج ٥ / ٧١، مغني المحتاج ٢ / ٢٤٠، الأم (بولاق ١٣٢٢ هـ) ٧ / ١١٠، إعانة الطالبين ٣ / ١٩٤، البجيرمي على الخطيب ٣ / ١٣٦، المبسوط ١٨ / ٢٦، اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى ص ٦٣، المهذب ٢ / ٣٤٥، بدائع الصنائع ٧ / ٢٢٥، تبيين الحقائق ٥ / ٢٣، تكملة فتح القدير ٧ / ٣، الغرة المنيفة للغزنوي ص ١٠٨ (مطبعة السعادة بمصر ١٩٥٠ م)
(٢) سورة النساء / ١١.